الإصلاحات الحقوقية يجب أن تستمر

بداية تغيّر في وجهة نظر المجتمع الدولي

شهدت الفترة القريبة الماضية إنفراجاً ملموساً في مواقف بعض الأطراف الدولية ذات الصلة بملف حقوق الإنسان في البحرين؛ وكان ذلك نتيجة لعدد من العوامل والتطورات الإيجابية في التعامل البحريني الرسمي مع ذلك الملف.

وقد شملت تلك التطورات ما يتصل بدعم البنية التحتية المؤسساتية لحقوق الإنسان، ومن بينها:

■ إنشاء وتفعيل عدد من المؤسسات الحقوقية الحيوية، بالشكل الذي يتّسق ودواعي الإستجابة العملية، لمتطلبات الإلتزام بتنفيذ التوصيات الواردة في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، والتعهدات التي ألزمت البحرين نفسها بها، عبر آلية المراجعة الدورية الشاملة التابعة لمجلس حقوق الإنسان. والمؤسسات هي: (وحدة التحقيق الخاصة) التابعة للنيابة العامة، و(الأمانة العامة للتظلمات) بوزارة الداخلية، و(مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين)؛ هذا بالإضافة لـ (المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان)، التي تم بث الروح فيها من خلال إعادة تفعيلها، بما يواكب مواءمتها لمبادئ باريس.

الأمانة العامة للتظلمات

■ عقد الإنتخابات البرلمانية والبلدية في موعدها المحدد.

وفيما يتصل بالتعامل والتفاعل مع المجتمع الدولي، شملت التطورات:

● تدعيم العلاقة مع مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، حيث تم قطع خطوات متقدمة تجاه إبرام إتفاقية تعاون فني بين الجانبين.

● الإنفتاح على المنظمات الدولية غير الحكومية، وتمثّل ذلك في السماح لمنظمة العفو الدولية (أمنستي) بزيارة مهنية للبحرين.

ويمكن رصد مظاهر التغيير في تقييم الأطراف الدولية المؤثرة لملف حقوق الإنسان في البحرين في الآتي:

بريطانيا:

من بين كافة أطراف المجتمع الدولي، تظل رؤية بريطانيا تجاه تطوير أوضاع حقوق الإنسان في العالم تقوم على (التشجيع لا التقريع)،. وقد كان هذا ديدن تعاملها مع الملف الحقوقي البحريني، والذي تجاوز مرحلة التشجيع إلى تقديم العون الفني في المجالين القضائي والأمني. وقد أصرّت وزارة الخارجية البريطانية في تقريرها الدوري حول حقوق الإنسان والديمقراطية في العالم، على تصنيفها للبحرين ضمن الدول (قيد الدراسة) بدلاً من وضعها في خانة الدول (المثيرة للقلق) رغم ضغوطات العديد من أعضاء البرلمان البريطاني. وقد كانت حجّة الحكومة البريطانية تقول بأن ملف البحرين الحقوقي يشهد بعض التقدم. وقد نوّهت الخارجية البريطانية بالتحسّن المضطرد في البحرين، وأوردت في هذا الصدد في تقريرها السنوي الصادر في مارس 2015:

(واصلت الحكومة البحرينية جهودها لتعزيز مساءلة الشرطة، وبناء آليات الإشراف في كافة أوجه نظام العدل الجزائي. وقد نشر كل من مكتب التظلمات بوزارة الداخلية البحرينية، ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، تقاريرهم الأولى في العام الحالي. وهناك بعض التقدّم الحاصل في تطبيق توصياتهم، ونحن نحث الحكومة البحرينية على التحرك بكل عزم لمعالجة التوصيات الباقية التي وردت في هذه التقارير. وفي شهر ديسمبر الماضي، حصل مكتب التظلمات بوزارة الداخلية البحرينية، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، على جائزة شايو من الإتحاد الأوروبي عن منطقة الخليج لعام 2014، تقديراً لما حققاه من تقدم بالترويج لحقوق الإنسان).

(وأدى تحقيق أجرته وحدة التحقيق الخاصة إلى مثول ستة من العاملين في المركز، بمن فيهم ثلاثة من كبار الضباط، أمام المحكمة الجنائية العليا في 25 نوفمبر. ونفى المدعى عليهم الستة التهمة، وتم تأجيل القضية إلى وقت لاحق. كما حققت وحدة التحقيق الخاصة بتسجيل فيديو يبدو فيه شخص يتعرض لاعتداء في سيارة الشرطة، ووجهت الاتهام للشرطي المعني. كما حققت وحدة التحقيق الخاصة في شهر ديسمبر بتسع قضايا تتعلق باتهامات بالتعذيب، وأربع قضايا تتعلق باتهامات بسوء المعاملة، ومازالت هذه القضايا قيد التحقيق. من الضروري محاسبة رجال الشرطة تماما على أفعالهم والحكم عليهم تبعا لذلك. ويتبين من إحصاءات مكتب التظلمات بوزارة الداخلية في يوليو 2014 توجيه الاتهام إلى 14 من ضباط الشرطة لارتكابهم انتهاكات تتعلق بحقوق الإنسان. ويواجه 12 من بينهم المحاكمة، وحكم على واحد بالسجن ستة أشهر، بينما يواجه ضابط آخر اتخاذ إجراء تأديبي ضده. وخلال زيارة وزير الخارجية، فيليب هاموند، إلى البحرين في شهر ديسمبر الماضي أثار مع ملك البحرين وولي العهد قلق المملكة المتحدة بشأن مسائل تتعلق بحقوق الإنسان).

من جهة أخرى، يقول التقرير البريطاني:

(شمل تقرير المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، الذي نشر في سبتمبر، توصيات بشأن النظام القضائي في البحرين. وقد تم إحراز بعض التقدم بهذا الصدد. وفي نوفمبر ذهب وفد بحريني بزيارة دراسية إلى أيرلندا الشمالية للاطلاع على نظام قضاء الأحداث. كما حضر أعضاء وحدة التحقيق الخاصة دورات تدريبية في المملكة المتحدة حول الأدلة الجنائية، ومهارات التحقيق، وحقوق المشتبه بهم. لكن مازال ما يبدو من اختلافات في الأحكام الصادرة، مثيرا للقلق).

وختم التقرير:

تقرير الخارجية البريطانية عن حقوق الانسان

(استضاف وزير شؤون الشرق الأوسط، توباياس إيلوود، في 4 ديسمبر اجتماع فريق العمل البريطاني/ البحريني الرابع، حيث ركز الاجتماع على الإصلاح والمساعدات الفنية التي تقدمها المملكة المتحدة. وفي هذا العام 2015 ستواصل المملكة المتحدة مساندة الحكومة البحرينية في تطبيق برنامجها بشأن الإصلاح السياسي، والإصلاح المتعلق بحقوق الإنسان، وذلك من خلال توفير المساعدة الفنية والتدريب وتبادل أفضل الممارسات. وسوف يشمل ذلك مساندة إصلاح نظام قضاء الأحداث، وإدارة المحاكم، وبناء قدرات مؤسسات أساسية مثل مكتب التظلمات).

وسبق للخارجية البريطانية أن ذكرت في تقرير فصلي صدر في أكتوبر الماضي 2014 أن البرلمان البحريني أقرّ في شهر يونيو الماضي، قانوناً جديدا يمنح مسؤوليات أوسع للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان للتحقيق بانتهاكات حقوق الإنسان، والتفتيش على مراكز الاعتقال. وأن المؤسسة الوطنية حددت في تقريرها أوجه التقصير، واقترحت عددا من التوصيات، بما فيها المصادقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، وتحويل مسؤولية الحجز الاحتياطي والتأهيل الى وزارة العدل. كما خرج التقرير بتوصيات تتعلق بالنظام القضائي. واضافت الخارجية البريطانية: (بينما تبذل جهود كبيرة لبناء الثقة بنظام قضائي عادل ومنصف، فإن اختلاف الأحكام، وعدم المساواة فيها، يمكن أن يقوضا هذه الجهود). ورحبت الخارجية بتقرير المؤسسة الوطنية باعتباره يمثل معيارا للمضي قدما بإصلاح حقوق الإنسان، وحثت الحكومة البحرينية على النظر بكل عناية بهذا التقرير وتوصياته. ومن جهتها فإن القيادة البحرينية أظهرت قبولها العلني بتقرير المؤسسة الوطنية، وأشادت بموضوعيته الشاملة.

وأكد تقرير الخارجية البريطاني الفصلي في اكتوبر 2014 بأن الحكومة البحرينية اتخذت خطوات إيجابية تجاه زيادة التواصل مع الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية الدولية، ما يعكس درجة من الشفافية. كما رحّب بزيارة منظمة العفو الدولية، والزيارة الفنية لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التي امتدت لشهرين.

وهكذا، ظلت وزارة الخارجية البريطانية، تنافح عن تقييمها لمستوى التقدم البحريني في مجال حقوق الإنسان ضد كل الإنتقادات المثارة، خاصة داخل أروقة مجلس العموم البريطاني، بما في ذلك لجنة العلاقات الخارجية المنبثقة عنه. ومن أمثلة ذلك ما رد به وزير الدولة بالخارجية البريطانية لشؤون الشرق الأوسط، توبياس إيلوود، في 18 ديسمبر 2014 على إستفسارات بعض نواب البرلمان بخصصوص تقييم وزارة الخارجية لأوضاع حقوق الإنسان في البحرين خلال الستة أشهر المنصرمة. فقد قال في هذا الصدد:

(نحن نؤيد الإصلاحات الجارية في البحرين والخطوات التي إتخذتها الحكومة البحرينية في مجال تنفيذ التوصيات التي خرج بها تقريرا «اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق» و»آلية المراجعة الدورية الشاملة». والخطوات الملحوظة التي تم إتخاذها من قبل البحرين خلال الستة أشهر الماضية، والتي تتمثل في:

1- صدور أول تقرير سنوي في مايو الماضي عن مكتب التظلمات التابع لوزارة الداخلية البحرينية، وقد إشتمل على شرح مفصل للحالات التي تعامل معها منذ يوليو 2013.

2- صدور التقرير الأول عن مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين في أغسطس 2014، في أعقاب زيارة تفقدية غير معلنة لسجن حوض الجاف.

3- صدور تقرير عن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في سبتمبر 2014، حددت فيه أوجه القصور، وتقدمت بعدد من التوصيات لحكومة البحرين.

وإنني لسعيدٌ جداً بأن الإتحاد الأوروبي قد إختار كلاً من: مكتب التظلمات التابع لوزارة الداخلية البحرينية، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، لنيل جائزة (شايو) لجهودهما المقدرة تجاه تحسين أوضاع حقوق الإنسان في البحرين. ومن جانبي، فإنني سأواصل تشجيعي لحكومة البحرين، لضمان إستمرار البرنامج الإصلاحي، وتنفيذ التوصيات الواردة في التقريرين بشكل كامل).

الولايات المتحدة:

السفير الأمريكي ويليام روبوك مع وزير خارجية البحرين

مقارنة ببريطانيا، فإن الولايات المتحدة تفتقر إلى الإرث التاريخي، وقلّة الخبرة في التعامل مع قضايا منطقة الخليج، وهو يتسم بغير قليل من التردد والتذبذب، اللذين يفاقم من حدتهما تضارب الآراء بين مؤسسات الحكم المختلفة، كوزارتي الدفاع والخارجية، ووكالة الإستخبارات المركزية. ويزيد من تعقيدات الموقف ضعف قدرة الإدارة الأميريكية على الصمود في وجه الضغوط ذات المصادر المتعددة، بدء من الهيئة التشريعية (الكونجرس بمجلسيه)، وإنتهاءً بجماعات الضغط ذات الأجندات المتباينة، بما فيها المنظمات الدولية غير الحكومية، وأجهزة الإعلام. ولعل هذا يفسّر اضطراب تعامل الخارجية الأميريكية مع ملف البحرين الحقوقي، وما يؤدي إليه من عوامل تعكير صفو العلاقات مع البحرين.

بيد أن الخطوات الإيجابية التي حققتها البحرين، أتاحت للخارجية الأميريكية فرصة التحرّر من بعض الضغوط، وليكون موقفها أقلّ تحفّظا فيما يتصل بالإعراب عن تقديرها لما يتم إحرازه من تقدم.

ففي الرابع والعشرين من سبتمبر 2014، وابان تداول الجلسة 27 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف حول موضوع التعاون الفني البحريني مع المفوضية، ذكر مندوب الولايات المتحدة، كيث هاربر، ما يلي:

(إننا نرحب بالزيارة التي قام بها الوفد الفني من مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان. وإننا نؤمن بأن من شأن تفاعل أعمق مع مكتب المفوضية، أن يتيح للمنظمة أن تلعب دورا هاما في دعم جهود الحكومة البحرينية الرامية إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان. كما أننا نرحب بالتقرير الأخير الصادر عن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان. ومن أجل بحرين قوية تنعم بالسلام، فإننا نحث جميع الأطراف على العمل الدؤوب المتواصل، وعلى إظهار الرغبة والإستعداد للقبول بالحلول الوسطى، والسعي لتحقيق تقدم حقيقي في العملية السياسية والإصلاحية).

و في 30 نوفمبر 2014، أصدرت جين بساكي، المتحدثة الرسمية السابقة بإسم وزارة الخارجية الأميريكية، بياناً صحفيا نقلت من خلاله تهنئة بلادها لمملكة البحرين بإكتمال الإنتخابات البرلمانية والبلدية.. وناشدت المتحدثة كافة الأطراف البحرينية، العمل بنية صادقة لإزالة التوترات القائمة، وإيجاد حلول توافقية بناءة، وتحقيق إجماع حول كيفية التعامل مع أولويات البحرين السياسية والإقتصادية والإجتماعية. وشددت المتحدثة على ضرورة أن تلتزم كافة مكونات المجتمع البحريني بنبذ العنف، وأن تساهم في خلق مناخ موات للمصالحة السلمية.

وفي 4 ديسمبر 2014، عقد كل من مساعدة وزير الخارجية الأميريكية لشؤون الشرق الأدنى، آن باترسون، ومساعد وزير الخارجية الأميريكية لشئون الديمقراطية وحقوق الإنسان، توم مالينوسكي، مؤتمراً صحفياً في المنامة ذكر فيه الأخير التالي:

(أجرينا لقاءات مع مكتب التظلمات الجديد، ووحدة التحقيقات الخاصة، ونأمل أن يقوم الجميع بدعم نشاطيهما، كما نرحب بالدعم الذي قدمته الحكومة للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ونأمل في أن تأخذ التوصيات التي تقدمت بها الأخيرة بكل جدية... إن التقارير التي تقدمت بها المؤسسات الوطنية، تعد شيئا فريدا في هذه المنطقة، ونأمل أن تؤدي إلى نتائج طيبة).

السفير الأمريكي في البحرين وليام روبوك، قال في مارس الماضي، بأن بلاده تتفهم (التهديدات الحقيقية التي تواجه البحرين من جميع الجهات) وأنها (تضع فرقاً واضحاً بين من يمارس العنف، والجماعات المتطرفة التي تعمل على زعزعة استقرار البحرين، وغيرها من الجماعات التي تمارس حقها سلمياً في النقد والتعبير عن وجهات نظر مختلفة، والتي لها دور هام في مختلف المجتمعات والدول). واعتبر السفير الانتخابات النيابية الأخيرة في البحرين (وسيلة هامة لمعالجة التطلعات المشروعة للشعب البحريني، وأن صاحب الجلالة الملك حمد يستحق الثناء العظيم لدوره في تعزيز الإصلاح في البلاد، ودعمه ميثاق العمل الوطني سنة 2002، وتأييده توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، ودعمه الحوار الوطني 2013 - 2014، وأن حكومة البحرين اتخذت العديد من الخطوات الهامة نحو تنفيذ الإصلاحات المحددة في تقرير لجنة تقصي الحقائق).

أيضاً أكد السفير روبوك على أنه (مازال هناك عمل ينبغي القيام به، ونحن على استعداد للمساعدة بأي طريقة متى ما دعينا للقيام بذلك، وأنه لا يوجد مجتمع أو بلد مثالي، وأن الولايات المتحدة استفادت بشكل كبير من الانتقادات والتوصيات التي قدمها المراقبون والناشطون بشأن حقوق الإنسان، والتجاوزات التي حدثت في الولايات المتحدة، والشيء نفسه بالنسبة للبحرين، أعتقد أنها ستستفيد من البقاء منفتحة على مواصلة الحوار مع المواطنين الذين يدعمون سلمياً جهود الإصلاح، وتعزيز حماية حقوق الإنسان).

ولفت السفير الانتباه إلى إدراكه (أن البحرين حققت العديد من الخطوات الهامة في معالجة بعض الأسباب الكامنة وراء الأحداث التي حدثت سنة 2011) وأضاف: (ندعم المبادرات الحكومية الجارية للبناء على هذه الجهود، بما في ذلك الجهود الحقيقية التي تبذلها الأمانة العامة للتظلمات)، مشيراً كذلك إلى (الجهود الرامية لتقوية البرلمان، وإنشاء وحدة التحقيق الخاصة، والجهود التي تبذلها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وهي إنجازات إيجابية تعكس جهود الإصلاح الجارية في البحرين).

واخيرا أوضح السفير روبوك بأن (الولايات المتحدة أعربت مراراً عن دعمها لجهود جلالة الملك الإصلاحية لتعزيز الحقوق الأساسية لجميع المواطنين البحرينيين، والتي تشمل وجهات نظر جميع البحرينيين في صياغة القرارات التي تؤثر عليهم، وهذه الجهود والمبادرات المشار إليها أمثلة مشجعة على تدابير بناء الثقة وبناء المؤسسات، التي يمكن أن تؤدي إلى المزيد من الفرص للحوار، وحماية أفضل للحقوق الأساسية).

الإتحاد الأوروبي:

سفير الاتحاد الأوروبي آدم كيولاش يقدم (جائزه شايو)
للمؤسسة الوطنية وأمانة التظلمات

منذ إندلاع الأحداث في البحرين في فبراير 2011، ظل الإتحاد الأوروبي بشقيه التشريعي والتنفيذي، مستمراً في توجيه الإنتقادات بشكل دوري لملف حقوق الإنسان في البحرين؛ في بياناته الرسمية وتقاريره، منحياً باللائمة على الحكومة البحرينية في تدهور الأوضاع. كما درجت الكتلة الأوروبية، بقيادة عدد من أطرافها، وعلى رأسها سويسرا، على تبنّي إصدار بيانات مشتركة، وحشدت للتوقيع عليها أكثر من أربعين دولة، للتنديد بانتهاكات الحكومة البحرينية.

بيد أن الأشهر الماضية شهدت ـ وللمرة الأولى ـ بعض التغيير في وجهة نظر الإتحاد الأوروبي لتطورات أوضاع حقوق الإنسان في البحرين، استندت إلى حدث إنعقاد الإنتخابات البرلمانية والبلدية البحرينية، بإعتبارها خطوة توضح عزم وجديّة الحكومة البحرينية للإضطلاع بمسئولياتها الديمقراطية والحقوقية.

فيما يلى بعض نماذج لما ورد عن الإتحاد الأوروبي في هذا الصدد:

● في 25 سبتمبر 2014، أصدر المتحدث الرسمي بإسم الإتحاد الأوروبي، بيانا حول الإعلان عن موعد إنعقاد الإنتخابات جاء فيه: (يعتبر الإتحاد الأوروبي أن من شأن إنتخابات شاملة وذات مصداقية أن تمثل أحد العوامل المهمة في دفع الحوار الوطني الصادق، والمصالحة إلى الأمام، وبالتالي الإرتقاء بالإصلاحات الضرورية المستدامة، في ظل روح من المسئولية التضامنية، لمصلحة كل أهل البحرين).

● وفى 16 أكتوبر 2014، في أعقاب إعلان أحزاب المعارضة البحرينية عن مقاطعة الإنتخابات، أصدر سفراء دول الإتحاد الأوروبي المعتمدين لدى البحرين، بيانا أعربوا فيه عن الأسف العميق لقرار المقاطعة، وناشدوا من خلاله تلك الأحزاب إعادة النظر في قرارها، منوهين إلى أنهم، في الإتحاد الأوروبى، يرون أنه لا غنى، في سبيل إعادة بناء الثقة الضرورية للإستقرار والتقدم في البحرين، عن مشاركة كل الأطراف الملتزمة بالعملية الديمقراطية في الإنتخابات المرتقبة.

● في 3 ديسمبر 2014، قام ممثل الإتحاد الأوروبي في الرياض بإعلان فوز كل من المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين ومكتب التظلمات التابع لوزارة الداخلية بجائزة (شايلو) لعام 2014 إعترافا بجهودهما في مجال ترقية وحماية حقوق الإنسان في البحرين.

المنظمات الدولية غير الحكومية:

إذا أخذنا في الإعتبار أن الفترات السابقة كانت تشهد سيلا لا ينقطع من البيانات والتقارير من قبل المنظمات الحقوقية الدولية، المنددة بالتجاوزات، فقد انخفض عددها في الأشهر القليلة الماضية، ما اعتبر دليلاً على أن البحرين، بما بذلت من جهود عبر أجهزتها الرسمية، ومؤسساتها الحقوقية القائمة والمستحدثة، وبما أبدته من روح التعاون والتفاعل مع المجتمع الحقوقي الدولي.. تسير في الطريق الصحيح، الذي لا بد وأن يقود للمزيد من الإنفراج، وأن يمهّد لإستمرارية عملية الإصلاح والبناء الديمقراطي، على قاعدة راسخة من الإستقرار والإنصهار المجتمعي.

إن هذا التحسن المضطرد في تقييم المجتمع الدولي لأوضاع حقوق الإنسان في البحرين، لا ينبغي أن يعني الركون والتقاعس عن القيام بمزيد من الإصلاحات، وسدّ الثغرات ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات. حكومة البحرين يفترض أن تدرك بأنه ما زالت هنالك بعض بواعث القلق التي لن تغفل أعين المجتمع الحقوقي الدولي عن متابعتها، وكيفية تعامل السلطات البحرينية معها.