أمنستي: حقوق الإنسان في البحرين عند مفترق الطرق

أصدرت منظمة العفو الدولية يوم الجمعة 11 فبراير2011 تقريراً عن أوضاع حقوق الإنسان في البحرين تحت عنوان: (حملة قمع في البحرين... حقوق الإنسان عند مفترق الطرق)؛ حيث أشارت منظمة العفو الدولية إلى تدهور حالة حقوق الإنسان في البحرين منذ منتصف أغسطس 2010؛ وتناول التقرير عدداً من قضايا حقوق الإنسان المهمة منها: المحاكمة العادلة، التعذيب، حرية التعبير، وحرية التنقل.

وأشار التقرير في مجمله إلى أنَّ البحرين تقف عند مفترق الطرق فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وأن سنوات من التقدم في مجال الإصلاحات التي تحققت منذ العام 2001 أصبحت الآن في وضع لا يتناسب مع الطموحات التي رسمتها البحرين، ولا يتفق مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ولا حتى مع دستور مملكة البحرين. وشمل التراجع في مجال حقوق الإنسان انتهاكات لحرية التعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمّع، وكذلك زيادة القيود المفروضة على جمعيات حقوق الإنسان. وفي إطار سير العدالة والمحاكمات العادلة، أشار التقرير لوقائع جلسات محاكمة ما يسمى بـ (?لمخطط الإرهابي) وأبدى ملاحظاته حولها. وأشار التقرير إلى أنَّ قانون مكافحة الإرهاب لعام 2006 يحتوي تعريفاً فضفاضاً وأكثر غموضاً للإرهاب، مما يقوّض مبدأ الشرعية، الأمر الذي يتطلب أنْ تُصاغ القوانين بوضوح ودقّة لتمكين الأفراد من معرفة ما يشكل جريمة. كما يشكل القانون أيضاً تهديداً لممارسة الحق المشروع في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات وحرية التجمع.

وأشار التقرير إلى إنشاء أكثر من 500 منظمة غير حكومية في البحرين على مدار العقد الماضي وأنها تعمل على مجموعة من قضايا حقوق الإنسان على نطاق واسعبما في ذلك حقوق الطفل والمرأة، وحقوق العمال المهاجرين والاتجار بالبشر. وأشار إلى أنَّ عدداً قليلاً منها يعمل في مجال رصد وتوثيق ونشر

تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان. وأضاف بأنَّ اثنتين من هذه المنظمات، وهما مركز البحرين لحقوق الإنسان وجمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان قد تمَّ حظرهما في 2004 لانتهاكهما القانون رقم 21 لعام 1989، والذي ينظم أنشطة المنظمات غير الحكومية. وتابع التقرير بأنه على الرغم من الحظر ظل المركز والجمعية يواصلان نشر تقارير عن مختلف قضايا حقوق الإنسان، وبخاصة الانتهاكات على أيدي قوات الأمن، من خلال شبكة الإنترنت.

تقرير العفو الدولية أفاد بأنَّ المنظمات غير الحكومية ظلت تواجه قيوداً شديدة بموجب القانون رقم 21 لعام 1989، والذي يمنعها من الانخراط في النشاط السياسي. ويسمح هذا القانون لوزارة التنمية الاجتماعية بالتدخل في الشؤون الداخلية وأنشطة المنظمات غير الحكومية، والوصول إلى ملفاتها، وتعليق مكاتبها التنفيذية، وسحب تراخيصها. ويجب على المنظمات غير الحكومية الحصول على إذن من وزارة التنمية الاجتماعيةلكي يتسنى لها الحصول على تمويل من خارج البلاد، ويجب أنْ تعلن ما هو الغرض من التمويل. ويجب عليها أيضاً الحصول على إذن لتنظيم?اجتماعات محلية ودولية، وحلقات التدريب، أو أي ورش عمل تتناول قضايا حقوق الإنسان.

جاءت توصيات تقرير منظمة العفو شاملة وفي إطار النتائج التي توصل إليها وفدها الذي زار البحرين في شهر أكتوبر 2010. لقد حث التقرير الحكومة البحرينية على اتخاذ عددٍ من الخطوات الفورية لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة، ومنع ارتكاب المزيد منها. كما أوصى التقرير السلطات البحرينية بالتحقيق الشامل والمستقل والسريع في جميع قضايا مزاعم التعذيب، وأنْ تدين ممارسات التعذيب، والإعلان بشكل لا لبس فيه أنه لن يتم التسامح مع مثل هذه الانتهاكات.

كما أشار التقرير الى ضرورة إنشاء آليات قضائية فعالة لضمان الحق في محاكمة عادلة في الممارسة العملية، بما في ذلك الحق في أنْ يُـحاكم المتهم أمام محكمة مستقلة ومحايدة، والحق في الحصول على محامي دفاع من اختياره في جميع مراحل إجراءات المحاكمة، والحق في البراءة حتى تثبت إدانته وفقاً للقانون.

وفي مجال حرية التعبير، أوصى التقرير باحترام وحماية الحق في حرية التعبير، بما في ذلك حرية الإعلام، بما يتوافق مع التزامات البحرين بموجب القانون الدولي. وأوصى التقرير باحترام وحماية الحق في حرية التنقل وحرية التجمع وتكوين الجمعيات، وتوفير الضمانات لمنظمات حقوق الإنسان وكذلك حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وتمكينهم من القيام بعملهم من دون التدخل فيه أو إعاقته.

من ناحية أخرى دعا التقريرحكومة البحرين ـ وبمشاركة مؤسسات المجتمع المدني ـ إلى إجراء مراجعة جادة لعدد من التشريعات البحرينية، بهدف جعلها متوافقة تماماً مع القانون الدولي الإنساني والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وإيفاءاً لإلتزامات البحرين أمام مجلس حقوق الإنسان في إطار آلية المراجعة الدورية الشاملة.

وفي إطار عملية الاصلاح.. أشار التقرير إلى مصادقة البحرين على المعاهدات الرئيسية لحقوق الإنسان مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في عام 2002، وعلى البروتوكولان الاختياريان لاتفاقية حقوق الطفل في عام 2004، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في عام 2006، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في عام 2007. كماأصبحت البحرين طرفاً في الميثاق العربي لحقوق الإنسان في 2006. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحكومة البحرينية اعتمدت قوانين جديدة فيما يتعلق بإقامة العدل، وتكوين ?لجمعيات السياسية وغيرها، كما أنشأت المجلس الأعلى للقضاء في عام 2000 والمحكمة الدستورية العليا في عام 2005.

وكانت منظمة العفو الدولية قد أرسلت وفداً إلى البحرين لتقصي الحقائق في أكتوبر 2010 للبحث في بـواعث القلق التي صاحبت الأحداث الأمنية التي وقعت في الفترة بين شهري أغسطس وسبتمبر 2010 وما صحبها من اعتقالات ومعاملة الموقوفين على ذمة هذه القضايا. واستند تقرير منظمة العفو الدولية على نتائج تلك الزيارة. وأشار التقرير إلى اللقاءات الميدانية التي عقدها الوفد خلال زيارته إلى البحرين مع كبار المسئولين الحكوميين (من بنيهم وزراء الداخلية والعدل والشؤون الإسلامية والتنمية الاجتماعية والخارجية والإعلام والنائب العام). كما ?لتقى الوفد بأعضاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وعدد من منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني والمرأة والشباب؛ وحضر الوفد جلسات بعض المحاكمات التي انعقدت وقام بمراقبتها.

وأشار التقرير إلى حصول وفد منظمة العفو الدولية على تأكيدات من جميع المسؤولين الرسميين الذين التقاهم بالتزام الحكومة البحرينية بتعهداتها في مجال حقوق الإنسان، والنظر في أية ادعاءات تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان.. تلفت منظمة العفو انتباه الحكومة البحرينية إليها. كما أشار التقرير إلى تعهدات البحرين بموجب الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها شاملةً العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (اتفاقيةمناهضة التعذيب). وقا?ت المنظمة في هذا الصدد:(في تصديقها على هذه المعاهدات، وعدت حكومة البحرين كلا من البحرينيين والمجتمع الدولي بأنها سوف تدعم وتحترم أحكام تلك الاتفاقيات. ويجب على البحرين أن تفعل ذلك).