البحرين في تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان

صدر في يوليو الماضي التقرير السنوي للمنظمة العربية لحقوق الإنسان (2009 ـ 2010)، والتي تتخذ من القاهرة مقرّاً لها. فيما يلي تسليط للضوء على محتويات التقرير فيما يتعلق بتقييمه للأوضاع في البحرين.

ابتداءً يتحدث التقرير عن التطورات الدستورية والقانونية في البحرين، فيشير الى الأمر الملكي الصادر في نوفمبر الماضي 2009 والقاضي بتأسيس «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان»، ويستعرض بعضاً من محددات عملها وأهدافها. كما أشار الى الأمر الملكي الآخر الصادر في أبريل الماضي 2010 والمتعلق بتعيين أعضاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، حيث استعرض عدداً من الأسماء الحقوقية البارزة والعاملة في البحرين والتي أنيط بها مسؤولية إدارة المؤسسة الحقوقية.

تقرير المنظمة العربية عكس رأي المجتمع المدني فقال: (كالمعتاد من جانب منظمات المجتمع المدني في استقبال المؤسسات الوطنية، فقد أصدرت عدة منظمات بياناً يشكّك في استقلالية المؤسسة الوطنية).. لكن المنظمة العربية رأت التالي: (يظلّ الحكم على أيّ مؤسسة وطنيّة مرهوناً بأدائها، وبمدى تعبيرها عن مصالح المجتمع، وهو ما نتطلع لأن تلعبه المؤسسة الوطنية البحرينية).

أشار التقرير أيضاً الى إقرار مجلس النواب البحريني مشروع قانون حماية الأسرة من العنف في 22 أبريل الماضي.

بعدها استعرض التقرير تحت عنوان: (الحقوق الأساسية)، عدداً من الحالات والقضايا.. بينها إسقاط محكمة الاستئناف العليا الجنائية في 28 مارس الماضي حكم البراءة الذي صدر من محكمة أول درجة بحق 19 متهماً في 13 أكتوبر 2009، في قضية عرفت في البحرين بقضية كرزكان والتي راح ضحيتها أحد رجال الأمن. وقد حكمت محكمة الإستئناف على كل منهم بثلاث سنوات سجناً.

كما أشار تقرير المنظمة العربية الى تقرير هيومان رايتس ووتش حول التعذيب، وكيف أنه (أثار جدلاً واسعاً في المجتمع البحريني الذي طالب السلطات بالكشف عن المسئولين عن هذه الممارسات غير الإنسانية ومحاسبة كل من تثبت صلته بحالات التعذيب).

وتعرض التقرير الى قانون مكافحة الإتجار بالبشر، وكذلك إنشاء لجنة وطنية لمكافحة الإتجار بالبشر، ورأى في ذلك (خطوة إيجابية).. لكنه أشار الى انتقاد الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان التي رأت (عدم وجود آليات لتفعيل القانون، خصوصاً بالنسبة الى العمالة المنزلية التي تعاني من اضطهاد). وأضاف تقرير المنظمة العربية بأن هناك حاجة لإنشاء صندوق لحماية ضحايا الإتجار بالبشر، ليكون معاوناً للضحايا أثناء انتظارهم حكم القضاء، وكذلك مساعدتهم في توكيل من يدافع عنهم، أو في العيش داخل البلد والتكسّب أثناء المداولات القضائية.

وأشار تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان الى الزيارات التي قام بها مختصون من الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان الى مركز الإحتجاز النسائي، واستعرض جزءً من التقرير الصادر من الجمعية في مايو 2009 حول مرئياته وما خلص اليه من تحسّن نسبي لأوضاع النزيلات، مع وجود بعض التجاوزات المحدودة، وما تضمنه التقرير من توصيات لتحسين الأوضاع.

وغطى تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان موضوع إلغاء نظام الكفيل المتعلق بالعمالة الأجنبية والذي بدأ سريانه في اغسطس 2009، والذي يشير الجميع الى أنه عمل إيجابي؛ لكن معظم المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية، بما فيها المنظمة العربية تطالب بأن يسري القانون العمالي الجديد على خدم المنازل.

وتحت عنوان (الحريات العامّة) استعرض التقرير بعضاً من تطورات النقاش حول حرية التعبير فقال بأنه رغم إعلان الحكومة منذ مايو 2008 عن تشريع جديد للصحافة، من شأنه إلغاء العقوبات الجنائية عن أغلب المخالفات الصحفية، فإن السلطات استمرت في استخدام قانون الصحافة (قانون 47 لعام 2002) لتقييد حرية الصحفيين، وفي الحدّ من تغطية القضايا المثيرة للجدل، حيث ما زال القانون ينص على عقوبات جنائية لبعض أنواع التعليقات الكتابية أو الشفهية، ومنها الكتابات التي تمس الوحدة الوطنية.

وقال التقرير بأن كثيراً من الصحفيين تعرضوا للملاحقة القضائية الجنائية بموجب القانون الحالي، على خلفية كتابة موضوعات عن المحسوبية والفساد في القطاعات الحكومية المختلفة). وأضاف: (شكا صحفيون يعملون في البحرين من أن مسئولين بوزارة الداخلية اتصلوا بهم للشكوى على خلفية كتاباتهم التي انتقدوا فيها سياسات الحكومة، وفي بعض الأحيان تدخلوا لمنع نشر المعلومات. وفي أبريل 2009 أمرت السلطات بإغلاق صحيفة أخبار الخليج اليومية، بذريعة خرقها لقانون الصحافة، لكنها رفعت الحظر عن الصحيفة بعد 24 ساعة).

وتابع التقرير بأن أشار الى الملاحقات القضائية لعدد من الصحافيين مثل حسين سبت، الذي اتهم بالتشويه العلني لسمعة أحد المسئولين، وبعد العديد من جلسات المحاكمة، تم إرغامه على نشر اعتذار بالصحيفة. كما أشار الى استدعاء الكاتبة الصحفية لميس ضيف أمام المحكمة بتهمة إهانة القضاء في سلسلة مقالات نشرت في شهر فبراير الماضي 2010.

أيضاً تعرض تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان الى القيود التي وضعتها وزارة الإعلام على حرية الإنترنت، وحجب 1040 موقعاً بداعي استهداف المواقع الإباحية، إلا أنه بالبحث في هذه المواقع التي تم حجبها وجد أن الحجب طال مواقع إخبارية، ومدونات صحفية، ومنتديات للحوار، ومواقع مخصصة لحقوق الإنسان، كما يقول التقرير.

ملاحظات على التقرير

1/ يعتبر تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن البحرين متوازناً في تغطيته من جهة الشمولية، ونوعية القضايا المثيرة التي حدثت في البحرين. وقد حاول التقرير أن يلفت النظر الى عنصري الإيجابيات والسلبيات في الأداء الحكومي بصورة مهنية.

2/ حاول التقرير الإعتماد على مصادر معلومات ذات مصداقية. وفي العديد من الحالات كانت المعلومات صحيحة، ولكن بعضها كانت ناقصة. وكمثال على ذلك: قضية منع وزارة التنمية الاجتماعية ورشة عمل عن بناء القدرات في مجال حقوق الإنسان كانت تعتزم الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عقدها في الفترة من 27 إلى 29 مايو الماضي، وذلك بداعي وجود محاور سياسية في برنامج الورشة، وأن الجمعية لم تنشر عبر الإعلام تفاصيل المحاور كاملة. ولكن الذي حدث بعدئذ، ولم يشر له التقرير، أن وزارة التنمية الإجتماعية وافقت على ورشة العمل، وقد عقدت في الفترة ما بين 18-21 يونيو الماضي.

3/ هناك أيضاً بعض الملاحظات أو القراءات المختلفة للمعلومات. فمواقع الإنترنت غير الإباحية التي تمّ إغلاقها، يحوي بعضها على الأقل تحريضاً على العنف والكراهية. وفيما يتعلق بإغلاق السلطات في 23 مارس 2010 مكتب جمعية التمريض البحرينية التي تقع داخل مجمع السلمانية الطبي، فإن تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان أشار الى أن السبب يعود الى اعتزام الجمعية تنظيم اجتماع في ذلك اليوم، تضامناً مع المعتقلين في إحدى المظاهرات. وفي حين أن الإغلاق قد تمّ، فإن السبب يعود الى تراكم مخالفات إدارية وقانونية، حسب وزارة الصحة.

وأخيراً فيما يتعلق بالمضايقات التي يتعرض لها الصحفيون البحرينيون، والذي أشار اليه التقرير، فإن من الضروري التذكير بحقيقة أنه لم يعتقل حتى الآن أي صحفي منذ بدء الإصلاحات عام 2001؛ وأن قانون الصحافة الحالي لا يرضي الجسم الصحفي البحريني، ولكن السلطتين التنفيذية والتشريعية يتحملان مسؤولية التأخير في عدم إقرار قانون جديد للصحافة يلبّي متطلبات العمل الصحفي الحرّ، ويلغي العقوبات التي تعتبر كسيف مصلت على رؤوس الصحفيين.