الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان تطلق تقريرها حول سجن النساء

في نقلة نوعية أخرى ضمن أنشطة الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، أطلقت الجمعية تقريرها الثاني في 20 مايو 2009 حول أوضاع السجون في البحرين. وجاء التقرير بعد زيارة قامت بها الجمعية في 9 مايو 2009 إلى (مركز الاصلاح والتأهيل للنساء) التقت فيها بما يقرب من ثلث النزيلات. وكانت الجمعية أطلقت أوَّل تقاريرها عن (مركز الأصلاح والتاهيل بجو – سجن الرجال) في ديسمبر 2006.

تناول التقرير تحليل القوانين المتعلقة بالسجون، والخدمات المقدمة في مركز الإصلاح والتأهيل للنساء. كما شمل عرضاً لآراء النزيلات حول أوضاعهن في داخل المركز ومقارنة ذلك بالمعايير الدنيا لمعاملة السجناء والقواعد النموذجية. وخلُص التقرير إلى توصياتٍ مهمة. ورغم التحسن النسبي في أوضاع النزيلات إلاَّ أنَّ التقرير أشار إلى تجاوزات محدودة في المركز، من بينها: عدم فصل المحكومات في دعاوى مدنية عن المسجونات بسبب جرائم جزائية؛ عدم وجود ممرض دائم وعدم قيام الأطباء العاملين في مراكز التأهيل أو أطباء وزارة الداخلية بزيارات دورية لفحص النزيلات والتأكد من صحتهن الجسدية والنفسية؛ عدم وجود مترجم لتسهيل التعامل مع النزيلات غير البحرينيات؛ عدم تأهيل النزيلات؛ عدم تصنيف النزيلات واختلاط أصحاب الفئات العمرية والتهم المختلفة مما يشكل خطراً على صغيرات السن؛ وضع أكثر من نزيلة في الزنزانة الواحدة مما يجعل عددهن يصل إلى عشر نزيلات في بعض الأحيان؛ عدم وجود حمامات ملحقة بالزنزانات باستثناء تلك المخصصة للنزيلات المصاحبات للأطفال والمريضات بأمراض معدية. ومن النواحي الإيجابية التي أشار إليها التقرير: عدم لجوء إدارة المركز لاستعمال القيود مع النزيلات؛ وحسن المعاملة التي تتلقاها النزيلات من موظفات المركز؛ والنظافة المعقولة.

تضمن التقرير 20 توصية شملت: الإسراع بإنشاء المبنى الجديد لمركز الإصلاح والتأهيل للنساء؛ الاهتمام بتدريب النزيلات على مهن ملائمة تؤهلهن للحياة بعد انقضاء فترة السجن؛ إعادة النظر في الحكم بإبعاد بعض الفتيات مع وجود أسرهن في البحرين؛ ضرورة إصدار قانون جديد لمراكز الإصلاح والتأهيل بدل القانون الحالي؛ تطبيق العقوبات البديلة في حالة الجنح البسيطة؛ إدخال برامج تعليمية كمحو الأمية وتعليم اللغة العربية أو الإنجليزية؛ ضرورة الإهتمام بالصحة النفسية للنزيلات؛ إنشاء مكتبة وتزويدها بكتب وجرائد بمختلف اللغات؛ إجراء فحوصات طبية ونفسية على النزيلات قبل دخولهن المركز وبعد انقضاء فـترة الحكم؛ ضرورة تواجد ممرضة متخصصة مقيمة بالمركز؛ توعية النزيلات بحقوقهن وتوفير الكتيبات والنشرات الخاصة بذلك بمختلف اللغات؛ زيادة الأنشطة الترفيهية والتثقيفية؛ تشكيل هيئة وطنية لحقوق الإنسان تشمل مهامها تلقي الشكاوي والتفتيش على السجون بشكل دوري ومفاجئ؛ السماح لمنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية بالقيام بزيارات منتظمة في أي وقت ودون إعلان مسبق لاماكن الاحتجاز ومراكز التوقيف؛ الانضمام للبرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب من أجل الوقاية من التعذيب في أماكن الاحتجاز؛ تفعيل الاتفاقيات الثنائية بين البحرين والدول الأخرى لنقل النساء السجينات الأجنبيات إلى بلادهن؛ المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة وبرتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص خاصة النساء والأطفال.

ومن الملاحظ أنَّ عدداً من النزيلات تم احتجازهن بسبب مخالفات قوانين الهجرة بما فيها عدم تجديد الإقامة. ونرى ضرورة معالجة مثل هذه الحالات عن طريق فرض غرامات مالية والتنسيق مع سفارتهن لوضع حد لمثل تلك المخالفات التي لا تستحق السجن. نلاحظ أيضاً أنَّ شريحة كبيرة من النزيلات اللائي شملهن البحث عن من العاملات الوافدات، وهذا يحتم تنسيق الجهود بين وزارتي الداخلية والعمل لوضع ضوابط فيما يتعلق بالعمالة الوافدة ووضع ضوابط و وشروط صارمة عند الاستـقدام تشمل تعهداً بعدم الإنخراط في ممارسات جنائية بما فيها الدعارة والجريمة المنظمة، على أنْ تكون نتيجة مخالفة ذلك هي الغرامة و/أو الإبعاد الفوري مع مراعاة الوضع الأسري.

من ناحية منهجية، فبالرغم من أهمية التقرير والمجالات التي تطرق لها والتوصيات التي خرج بها، كان مفيداً لو امتدت زيارة السجن لأكثر من يوم واحد بالنظر لأهمية الموضوع. فالملاحظ أنَّ شريحة النزيلات اللاتي تم لقائهن (حوالي 31% فقط) ولا تعطي هذه النسبة النتيجة الشاملة المرجوة لحالة النزيلات ككل. ومع تثمينـنا التام وإشادتنا بالتقرير، نتمنى أنْ تغطي التقارير المستقبلية عن السجون شريحة تتجاوز نصف عدد النزلاء أو النزيلات حتى نحصل على قراءة أكثر شمولية. ومهم أنْ تشمل التغطية أيضاً الخلوة الشرعية للنزيلات المتزوجات.

تحتاج التوصيات الواردة في التقرير إلى تضافر الجهود من جهات عدة لوضعها موضع التنفيذ. فبالإضافة لوزارة الداخلية، تشمل تلك الجهات الهيئة التشريعية التي تحتاج لسنّ قوانين سجون متطورة تراعي إلتزامات البحرين الدولية في مجال معاملة السجناء والمحتجـزين. أيضاً يجب إشراك الجهاز التنفيذي ممثلاً في وزارة المالية لإدراج برامج الإصلاح والتأهيل في أولوية ميزانياتها وتوفير الدعم المالي اللازم. كما هنالك حاجة أيضاً لإشراك الأكاديميين على مستوى الجامعات، خاصة كليات وأقسام القانون وعلم النفس، للقيام ببحوث تستهدف النزيلات لتقييم آثار الاحتجاز والسجن على حياتهن، وحياة أفراد أسرهن. كما تساعد مثل تلك الأبحاث العلمية في تطوير عملية الإصلاح والتأهيل عبر تبني منهج تعليمي داخل مؤسسات الاحتجاز والسجن. وهنالك ضرورة لإنشاء لجنة للنظر في حالة السجون والعقوبات البديلة للسجن مثل خدمات المجتمع (Community Services) التي تـُـطبق في كثير من الأنظمة العدلية الأخرى، خاصةً وأنَّ ( 63.16% من النزيلات في عمر الشباب حيث لم تتجاوز أعمارهن الخامسة والثلاثين)، حسب التقرير.

يتوفر التقرير باللغة العربية فقط ويمكن الإطلاع عليه بـزيارة موقع الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان التالي:

http://www.bhrs.org/uploadedfiles/women_prision_report_visit.pdf