الخروج من الأزمة:

توصيات للاعبين الأساسيين في البحرين

أصدرت ثلاث منظمات حقوقية هي مؤسسة القرن المقبل، ومرصد البحرين لحقوق الإنسان، ومؤسسة ذي فاليو ويب، تقريراً عن البحرين وكيفية الخروج من أزمتها الحالية، قدّم من خلاله توصيات عديدة الى اللاعبين الأساسيين: الحكومة، والمعارضة، اضافة الى القوى الإقليمية والدولية: امريكا وبريطانيا/ السعودية/ إيران. ويمثل التقرير خلاصة نقاشات مطولة عن الوضع البحريني، وقد استحضرت فيه جميع الرؤى والمواقف للأطراف المعنية، وتم البناء عليها بمقترحات وتوصيات على النحو التالي:

توصيات الى الحكومة

1/ القيام بإصلاحات في النظام الإنتخابي البرلماني، بما في ذلك تعديل الدوائر الإنتخابية كيما يكون التمثيل اكثر عدلا وأوسع شمولية. واقترح التقرير باعتماد النسبية في التمثيل واعتبار البحرين دائرة انتخابية واحدة. كما اقترح زيادة في تمثيل المرأة دون أن يحدد التقرير الآلية لذلك.

2/ اعتماد الشراكة في السلطة، بحيث يتم تشكيل الحكومة عبر جهد مشترك من الملك ومجلس النواب، وفي التعديلات الدستورية الأخيرة (3/5/2012) صار من الواجب عرض الوزارة على مجلس النواب للحصول على الثقة أولاً. ويقترح التقرير اجراء تعديلات اضافية بحيث يصبح تشكيل الوزارة كمنتج للإنتخابات البرلمانية، ويكون بإمكان تلك الوزارة نيل الثقة من نواب الشعب.

3/ وضع ثيقة لحقوق المواطن، بحيث تتضمن حماية الحريات العامة للمواطنين، وبحيث تنضبط ممارسات السلطة ضمن المعايير والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. على أن تتضمن وثيقة حقوق المواطنين: الحرية الدينية، وحرية الإعلام، وحرية الحديث. ويجب أن تشرف سلطة قضائية مستقلة يتم تعيينها من قبل الملك وبموافقة برلمانية، على تنفيذ ما تتضمنه الوثيقة. وقال التقرير بأن الخطوات التي اتخذتها الحكومة لمواءمة تشريعاتها بالمواثيق الدولية فيما يتعلق بتعريف التعذيب، يجب النظر اليها باستحسان. لقد قامت البحرين بالمصادقة على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وهذا يتطلب تشكيل محكمة خاصة لمراجعة التشريعات المحلية وتعديلها وفق ذلك العهد.

4/ اعتماد المساءلة، حيث أوصى التقرير بالإستمرار في عملية المساءلة والمحاسبة لمنتسبي قوى الأمن الذين ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان، ودعا الى تعزيز احترام سيادة القانون لمنع استغلال الوظيفة العامة لصالح الإثراء الشخصي، اضافة الى التوصية باعتماد الشفافية لدى الحكومة فيما يتعلق بالمعاملات المالية.

5/ اوصى التقرير الحكومة بإطلاق سراح سجناء الرأي. لقد كان تعرّض بعض النشطاء للإعتقال يشكّل واحداً من أهم مكامن التوتر على الصعيدين الداخلي والخارجي. وعادة ما يواجه هؤلاء اتهامات بإثارة القلاقل أو نشر تصريحات معادية للملكية. إن من شأن إطلاق سراح مثل هؤلاء أن يقدّم الدليل على احترام الحكومة لالتزاماتها تجاه مبادئ حرية الرأي والتعبير المعترف بها محلياً ودولياً. ولقد أخذ التقرير علماً باعلان المدعي العام في 18 مايو 2013 بأن قراراً قد تم اتخاذه بإسقاط كل التهم التي يتعارض توجيهها مع التزام البحرين بصيانة مبادئ حرية الرأي والتعبير، وبأن تعديلات تشريعية وقانونية ذات صلة قد تم إجراؤها في هذا الإتجاه. وأشاد التقرير بحقيقة ان ما لا يقل عن 334 متهماً قد استفادوا من ذلك القرار، بمن فيهم منتسبون للقطاع الطبي وآخرون متهمون بالتآمر بقلب نظام الحكم. وأمل التقرير بأن تسير الأمور على هذا المنوال، وأن تحرص المحاكم على الإلتزام التام بهذا التوجه.

6/ إعادة بناء المساجد، حيث أوصى التقرير بزيادة سرعة عملية اعادة بناء المنشآت الدينية المهدمة او المتضررة. إن مثل هذا العمل يساهم في استعادة بناء الثقة بين السلطات والمجتمع الشيعي بحيث يمكن التغلب على بعض التوترات الطائفية. ورحب التقرير بتصريح وكيل وزارة العدل والشؤون الإسلامية في ابريل 2013 والمتعلق بخطة الحكومة في اعادة بناء المنشآت الدينية، وأمل ان تؤمن تلك الخطة سرعة في تنفيذ اعادة البناء لتلك المنشآت التي ذكرها تقرير بسيوني. وشدد التقرير على حقيقة ان مشاكل البحرين لا يجب النظر اليها بمنظار طائفي، فهي ليست أزمة طائفية شيعية سنية. المشكلة في جوهرها تتعلق بدرجة الإصلاح الذي يجب تحقيقه.

7/ ضمان استقلال وسائل الإعلام الرسمي؛ إذ يجب ان تضمن الحكومة استقلال وسائل الإعلام المملوكة للدولة، من خلال وضعها تحت إشراف هيئة مستقلة يوافق عليها البرلمان. وقد صدر امر ملكي رقم 47 لعام 2013، بتشكيل الهيئة العليا للإعلام والإتصال، وأمل التقرير ان يكون ذلك خطوة تجاه مزيد من الحرية الإعلامية. كما امل التقرير ان تتبنّى الهيئة مبادئ تضمن القضاء على أي تعبيرات طائفية في وسائل الإعلام الرسمية.

8/ اعتماد نظام اللا مركزية. ويلخص التقرير الأمر بأن هناك حاجة لتحويل بعض صلاحيات السلطة المركزية الى السلطات المحلية مثل البلديات، والشرطة، والمدارس وغيرها. ان سياسة كهذه تعتمد تقوية الإدارة المحلية، من وجهة نظر التقرير، من شأنها المساعدة في حلحلة المسائل الكبرى السياسية والإقتصادية وامتصاص السخط الاجتماعي.

9/ تحسين مهارات التفاوض لكل من المعارضة والحكومة، والتي هي في الوقت الحالي ضعيفة. كلا الطرفين يعتمدان المواجهة وتسجيل النقاط بدلاً من محاولة التوصل الى نتائج في صالح مستقبل البحرين. يجب ان تكون ادارة الحوار تصالحية بدلاً من اعتمادها نهج المواجهة.

10/ التعاون مع المجتمع الدولي، حيث اوصى التقرير بالتوقف عن سياسة عدم التعاون مع المنظمات الحقوقية الدولية او منعها من دخول البحرين. المنع يعزز الاعتقاد بأن الحكومة لديها ما تخفيه.

توصيات للمعارضة

1/ شجب العنف ومن يعتمده، والاستمرار في اعتماد السلمية في التظاهر، والإمتناع عن الخطاب الملتهب الحاد. وعلى المعارضة ـ الوفاق ـ ان تميّز نفسها عن أي مجموعة لا تعتمد النهج السلمي.

2/ الإستمرار في الحوار مع الحكومة وكذلك مع الجمعيات السنية من اجل التوصل الى توافق حول الإصلاح السياسي.

3/ الاعتراف علناً بدور محدد للنظام الملكي في مستقبل البحرين، بحيث يكون هدف المعارضة توسعة الحقوق السياسية وليس الإطاحة بالنظام الملكي، وان يتم الإعتراف بدور محوري للملك في التحول نحو الديمقراطية. من شأن هذا ان يخفف من مخاوف المجتمع السنّي، ويمنع احتمالية رد فعل ضد أي تنازلات في النظام الانتخابي.

4/ تمثيل أوسع للمرأة، وللأقليات في الأحزاب السياسية الرئيسية، خاصة بالنسبة للوفاق، التي لا يوجد للمرأة أي تمثيل نسائي لها. كما يجب اتخاذ اجراءات تضمن عدم تأسيس الأحزاب السياسية على قاعدة طائفية.

5/ توسعة الرؤية بشأن ما يمكن ان تقدمه الأحزاب السياسية، فليس الموضوع مجرد المعارضة، ويجب ان تقدم برامج ورؤى اقتصادية واجتماعية يكون على اساسها الإنتخاب.

6/ تشجيع مشاركة الشيعة في كل الحقول، وذلك بناء على توصيات تقرير بسيوني، الذي أوصى بأن يتم ادماجهم في قوى الأمن.

توصيات للمملكة العربية السعودية

1/ يجب ان تعتمد السعودية سياسة علنية تدعم الجهود لحل ازمة البحرين من خلال الحوار والإصلاح الحقيقي.

2/ من اجل استقرار المنطقة والبحرين، فإن السعودية يجب ان تعمل عن قرب مع الأصدقاء والحلفاء كالولايات المتحدة لتشجيع كل الأطراف للوصول الى حل سلمي للمشكلة البحرينية وفق ميثاق العمل الوطني وتقرير بسيوني.

3/ على السعودية ان تدعم بشكل مباشر الإصلاحات، من خلال تأثيرها الإقتصادي.

توصيات للولايات المتحدة وبريطانيا

1/ ان تشجع الدولتان البحرين للإلتزام بمعايير حقوق الانسان الدولية، وأن تقدّر الخطوات الايجابية التي تتخذها الحكومة البحرينية في هذا المجال. ايضاً ان تكون الدولتان واضحتين في الموقف تجاه ممارسة أي عنف من قبل اطراف محسوبة على المعارضة وأنهما لن تتسامحا بشأنه.

2/ التشجيع على الحوار بالتشارك مع السعودية من خلال النفوذ الدبلوماسي على كل الأطراف المعنية للوصول الى تسوية. كما على الدولتين ان تقدما الخبرات العملية والاغراءات وليس التهديد لانجاح الحل التسووي.

3/ ان تقدم الدولتان الخبرات الفنية والتدريب لمساعدة البحرين في جهودها لتطوير نظامها القضائي.

4/ توسعة العلاقات التجارية بين الدولتين والبحرين لتقوية اقتصاد الأخيرة وتنويعه.

توصيات لإيران

1/ الامتناع عن الزعم بأن البحرين جزء من ايران والمحافظة الرابعة عشرة فيها.

2/ على ايران ان تطالب بإيقاف العنف في البحرين، وأن تعلن أنها تهدف الى ايجاد حل سلمي للأزمة. وان توقف حملاتها الاعلامية لصالح مقاربة اعلامية متوازنة سلمية تآلفية.

3/ تستطيع ايران ومن خلال القنوات الدبلوماسية التعاون عن قرب مع حكومة البحرين لتقليص سوء الفهم الحاصل بين البلدين، ولدعم الإصلاحات.

4/ بإمكان إيران أن تساهم في تطويق شقّة الخلاف الشيعي السنّي، وان يكون هناك تعاون من اجل التعايش السلمي بين الطائفتين في البحرين من خلال توسعة المشاريع المشتركة.