تقرير بسيوني ومسؤولية الأطراف من أجل تنفيذه

جورج إسحاق

جورج إسحاق

عضو المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان

نتائج لجنة التحقيق في التقرير الذي قدمه شريف بسيوني يمثل قفزة كبيرة إلى الأمام نحو فهم لحقوق الإنسان: فهي تجسّد تحولا في السياسة العربية في طريقة معالجة انتهاكات حقوق الإنسان التي لا يمكن تجاهلها، بل لا بدّ من اعتبارها جريمة على كل المستويات. هذا يجلب تحوّلا نحو حقبة جديدة من المسؤولية الفردية والقدرة على التعرف على الأعمال الوحشية ذات الطابع الدولي. يلخص التقرير انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في البحرين، ويقترح الحلول والتوصيات للتطبيق.

من المهم أن ندرك أن هذا التقرير هو الأول من نوعه في المنطقة، ويأتي في وقت كانت مسألة حقوق الإنسان القضية الأساسية في جميع الدول العربية، وبالتالي فإنه لا يمثل سوى خطوة إلى الأمام نحو حل الوضع الراهن في البحرين، وإطاراً للعمل في المنطقة العربية ككل، من جهة حقيقة أن لجنة دولية جلبت الى الداخل للتحقيق، وبذا فهي تجربة رائدة في المنطقة العربية في إطار (العدالة الانتقالية) و (سيادة القانون).

العدالة الانتقالية التي تعرف أيضا باسم (العدالة التصالحية) مسألة مهمة في القانون الدولي، ويوجد كم هائل من الدراسات العلمية حول هذا الموضوع، بما في ذلك المشاكل التي قد تحدث أثناء الفترة الانتقالية، والآليات والعلاجات التي يمكن استخدامها لإنجاحها. ومن هنا، يمكن اعتبار تقرير بسيوني خطوة إلى الأمام، من جهة التعاون والعمل مع المنظمات الدولية مثل مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان، ومجلس حقوق الإنسان، كما أنه يمثل فرصة إضافية للتعلم من المجتمع الدولي في حلّ مشاكلنا المحلية الخاصة.

تقرير بسيوني اقترح تنفيذ بعض مفاهيم وآليات القانون الدولي الأكثر أهمية مثل: تعزيز الحقيقة والعدالة؛ وجبر الضرر؛ وضمان عدم تكرار الإنتهاكات. هذه آليات تمثل نهجاً لمنع مرتكبي الإنتهاكات من الإفلات من العقاب. لكن ينبغي للمرء أن يفهم أن المفاهيم والآليات تلك لا تزال بحاجة إلى مزيد من الترابط، والرغبة القوية لتنفيذها على أرض الواقع، وبالتالي فإن جميع الأطراف البحرينية المعنية مطالبة بالعمل معاً لإيجاد أرضيّة مشتركة، والإتفاق على مجموعة من المبادئ والقوانين التي من شأنها المساعدة في التطبيق.

ليس هناك شك بأنه تم تنفيذ بعض التوصيات في إطار تقرير بسيوني، وأن تلك التوصيات في المجمل أُخذت على محمل الجد من قبل الحكومة البحرينية، التي تحاول العمل باتجاه تحقيق المصالحة والتخفيف من حدة الخلاف مع المعارضة.

اذا نجح النموذج البحريني فسينظر اليه كمثال للعدالة الإنتقالية في المنطقة العربية. مؤشرات النجاح تتعلق بنجاح المصالحة بين المعارضة والحكومة، ووضع تشريعات وقوانين حديثة تحترم حقوق الإنسان، ومحاسبة اولئك الذين ارتكبوا الإنتهاكات.