البحرين.. ملتقى الحريات الدينية

مرت على البحرين ـ كما في كل عام ـ مناسبة دينية كبيرة، وهي مناسبة عاشوراء التي توضح بشكل جلي مساحة الحرية الدينية وحرية العبادة، ليس فقط لمواطني البحرين والمقيمين فيها، بل وأيضاً لمن حولها من الشعوب.

وزير العدل في زيارة لأحد المآتم بالمنامة

آلاف البشر جاؤوا من مختلف دول الخليج الى البحرين، للمشاركة في احتفالات عاشوراء الدينية، حيث المواكب والمسيرات الدينية، وحيث التسهيلات الحكومية للمشاركين في الطقوس العاشورائية، والمساعدات الرسمية للمآتم (الحسينيات) بالمال والمواد الغذائية.

إدارة الأوقاف الجعفرية قالت في إحصائية لها مطلع 2009 بأن هناك ما يقرب من 1100 مأتم مسجل رسمياً في البحرين. فيما يقول آخرون بأن عدد المآتم الكلّي بما فيها غير المسجّلة قد يصل الى خمسة آلاف مأتم للنساء والرجال. وحسب عبدالله سيف في كتابه (المآتم في البحرين) فإنه يوجد ما يزيد على ثلاثة آلاف و500 مأتم (حسينية) للرجال فقط (كان ذلك عام 1994) هذا عدا مجالس ومآتم النساء.

بهذا العدد الهائل والمتزايد من دور العبادة، يتغير شكل البحرين في محرم كل عام، حتى أن البعض أطلق عليها (كربلاء الخليج) باعتبارها محجّاً لعشرات الآلاف من الخليجيين وغير الخليجيين الذي وجدوا فيها متسعاً من الحرية وملتقى شعبياً لممارسة شعائرهم الدينية بحرية غير منقوصة، وبأمان قلّ نظيره بين الدول.

يمكن للناس أن يختلفوا في تقييم الأوضاع البحرينية السياسية والإقتصادية وغيرها.. لكن هناك إجماع على توافر الحرية الدينية لمختلف الطوائف والمذاهب، وهي صفة لازمت الوضع البحريني منذ قديم الزمان.

في هذا الإطار، لم يكن تصريح وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة دعائياً حين قال بأن رعاية الحريات الدينية كانت دوماً محل حرص وعناية الدولة باعتبارها إحدى الواجبات الأساسية التي يقع على عاتقها صونها ورعايتها. الوزير أشار إلى ما تحظى به ذكرى إحياء عاشوراء من اهتمام ورعاية خاصة وهو الأمر الذي يتجلى في التوجيهات والمتابعة الملكية المستمرة لتوفير كل أوجه الدعم والتسهيل الذي يكفل إقامة هذه الذكرى بما يناسب خصوصيتها ومكانتها.

وقال وزير العدل خلال زيارة قام بها لعدد من مآتم المنامة عقب حضوره افتتاح عيادة الإمام الحسين عليه السلام (إنّ ذكرى إحياء استشهاد الإمام الحسين رضي الله عنه من كل عام، في العاشر من محرم، تأتي لتشكّل محطة تذكّر واستلهام للمعاني والقيم النبيلة التي جسدتها شخصية الإمام الحسين من إيمان وفضل وتضحية وأخلاق عظيمة، وهو ما يجب المحافظة عليه وصونه بما يناسب قدر ومنزلة صاحب هذه الذكرى الذي قال فيه النبي الأكرم: “حسين منّي وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط”)(أخبار الخليج، 12/12/2010).

وأكد وزير العدل بأن وحدة الأمة (هي الغاية التي كرس النبي وآل بيته وصحابته الكرام جل حياتهم وأفنوا أعمارهم وبذلوا دماءهم من أجل تثبيت جذورها وصون عزتها وقوتها). ولفت قائلاً: (نحن ولله الحمد في البحرين كنا ومازلنا وسنبقى بإذن الله تعالى خير مثال للتعايش والألفة والوحدة بين أبنائها البررة، وأن إحياء ذكرى عاشوراء طوال هذه السنين كان خير مناسبة من بين العديد من المناسبات التي تجسد منعة وأصالة ووحدة وألفة متجذرة) داعياً الى استثمار المناسبات الدينية والوطنية لتعزيز الوحدة الوطنية وتقويتها وغرس فضيلة وقيم التسامح والألفة بين المجتمع المتنوع والمتعدد في البحرين.

البحرين بلد التنوّع، لا يضاهيه بلد آخر في الخليج. وهو بلد الحريات والتسامح الديني. ومناسبة عاشوراء التي صادفت شهر ديسمبر الماضي، جاءت بشهود كثيرين على هذه الحقيقة ومن بلدان متعددة.