محاكمة المتهمين بالعنف والإرهاب

عقدت في 28 أكتوبر الماضي الجلسة الأولى لمحاكمة المتهمين بقضايا التحريض على العنف والتخريب، والبالغ عددهم 25 شخصاً، احتجزوا في أغسطس الماضي، والذين تجري محاكمتهم وفق قانون (حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية) رقم 58 لسنة 2006 والذي أقرّه البرلمان في ذلك العام.

الجلسة عقدت في المحكمة الكبرى الجنائية الثالثة برئاسة القاضي إبراهيم الزايد، وعضوية القاضيين علي الكعبي وعلي الظهراني، وقد استمرت الجلسة نحو خمس ساعات ونصف.

كانت الجلسة علنيّة، حضرها ممثلون من أهالي المعتقلين، ومندوبون عن منظمة العفو الدولية، وممثلون لسفارات دول أجنبية بينها السفارة الأميركية والفرنسية والبريطانية، فضلاً عن مشاركة أفراد حقوقيين، ومرصد البحرين لحقوق الإنسان، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، وعدد من المحامين قدر عددهم بنحو 14 محامياً، إضافة الى خمسة نواب من جمعية الوفاق، وعدد غير محدد من الصحافيين وممثلي وسائل الإعلام.

وبالرغم من علنيّة الجلسة، وطلب هيئة الدفاع بالسماح بنشر مداولاتها، إلا أن قرار عدم نشر تفاصيل القضية قد التزم به منذ ان أصدر النائب العام قراره في 26 أغسطس الماضي بمنع نشر أية معلومات تتصل بالقضية، حيث أرجع القرار الى حساسيتها وارتباطها بالأمن الوطني، ولأسباب تقتضيها عدالة المحاكمة، والخشية من دخول الشائعات والإساءة للمتهمين.

مصدر حكومي مسؤول أشار الى أن المحكمة سمحت للمتهمين بإبداء ما شاء لهم من أقوال في شأن الاتهامات المسندة إليهم وهي: «تأسيس جماعة على خلاف أحكام القانون، الغرض منها تعطيل الدستور والقوانين، ومنع سلطات الدولة من ممارسة أعمالها والإضرار بالوحدة الوطنية والاعتداء على الحريات والحقوق العامة والخاصة، كان الارهاب من وسائلها في تحقيق أغراضها، وكذلك الانضمام إلى تلك الجماعة وتمويلها مع العلم بممارستها نشاطاً إرهابياً، والاشتراك في التجمهرات وارتكاب أعمال التخريب واشعال الحرائق، وحيازة مواد قابلة للإشتعال بقصد استخدامها لغرض إرهابي في تعريض حياة الناس والأموال للخطر، فضلاً عن التحريض على كراهية نظام الحكم وعلى بغض طائفة من الناس، وبث الدعايات المثيرة، وإذاعة أخبار وشائعات كاذبة ومغرضة في الداخل والخارج، من شأنها النيل من هيبة الدولة واعتبارها، واضطراب الأمن العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة».

المتهمون من جانبهم أعلنوا جميعاً ـ عدا واحداً ـ أنهم تعرضوا لوسائل شتى من التعذيب، واستمع القاضي لأقوالهم بالتفصيل وتم تدوينها، كما أنه قرأ التهم على المحتجزين واحداً بعد الآخر، وأعطاهم فرصة أولى ليردوا على تلك التهم. بعدها أعطى القاضي فرصة للمحامين بالمرافعة، فتقدمت هيئة الدفاع بعدة طلبات من بينها تمكين المحامين من الإطلاع على أوراق القضية، والتصريح لهم بالحصول على نسخ منه، وعرض المحتجزين على الطب الشرعي للكشف عن مزاعم التعذيب؛ إضافة الى نقل المحتجزين الى سجن يتبع وزارة الداخلية بدلاً من سجن الأمن الوطني؛ وأخيراً السماح لهم ولإهالي المحتجزين بلقاء هؤلاء الأخيرين لفترات أطول وبشكل منتظم.

النيابة العامة ردّت على المحامين وقالت أنها “سمحت لذوي المتهمين خلال فترة إجراء التحقيق بزيارتهم، وكان ذلك بتاريخ 23/9/2010، وأنه ومنذ ذلك التاريخ والزيارات بالنسبة لجميع المتهمين تتم أسبوعياً وبشكل دوري ومنتظم بمتوسط عشرة أشخاص من ذوي كل متهم تقريباً، ولا زالت تجري على هذا النحو حتى اليوم، ولم ترد إلى النيابة أي شكوى من الأهالي تتعلق بكيفية إتمام الزيارات... كما أصدرت النيابة أيضاً بتاريخ 30/9/2010 قراراً بتمكين المحامين من زيارة المتهمين”.

القاضي إبراهيم الزايد استجاب لمعظم طلبات المحامين والمحتجزين، فقرر نقل المحتجزين الى سجن يتبع وزارة الداخلية، وسمح للمحامين بلقاء موكليهم بشكل سلس ولمدد طويلة؛ اضافة الى إعطائهم كافة مستندات القضية؛ كما قرر القاضي عرض خسمة من المحتجزين على الطبيب المختص، للتحقق من تعرضهم للتعذيب ولمتابعة العلاج من أمراض كانوا يعانون منها قبل احتجازهم؛ على أن تعقد الجلسة القادمة في 11 نوفمبر الجاري للإطلاع والمرافعة.

هذا ما حدث في الجلسة الأولى للمحاكمة، وأمام الجميع من الأهالي والمجتمع المدني والحقوقيين وغيرهم. ويظهر حتى الآن، ورغم كل ما قيل عن تجاوزات في الأيام الأولى للإحتجاز، فإن المحاكمة بدت علنية وشفافة وصريحة ومستوفية لأركان المحاكمة العادلة. وزير العدل البحريني في مقابلة له مع جريدة الحياة (12/10/2010) أكد قبل المحاكمة بأنه «لا يمكن أن يكون هناك دليل قد تم الحصول عليه بواسطة التعذيب، لأن هناك مبدأ في المحاكم البحرينية يسمي مبدأ مشروعية الدليل، مما يعني بوضوح أن لا يعتمد أي دليل يؤخذ تحت تأثير التعذيب، والمحاكم لا تقبل حتى بشبهة التعذيب فكيف بالدليل، ولكل موقوف ملف، والمحكمة ستنظر أي ادعاء يتقدم به أي موقوف».