يوسف زين العابدين زينل

  •  الميلاد : المنامة – 1950م .
  • حصل على ماجستير في القانون الدولي البحري - مالطا 1990م، وعلى ماجستير في الإدارة البحرية العامة - السويد 1985م. وعلى ليسانس حقوق - روسيا 1977م.
  • شغل منصب أمين عام مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي يناير 1995 – 2003م. وتولى وظائف مختلفة في شركة الملاحة العربية المتحدة في كل من دبي والكويت 1991- 1994م. كما عمل محاضراً في القانون البحري والسلامة البحرية بالأكاديمية العربية للنقل البحري - الشارقة 1985 – 1991م.

نائب رئيس الجمعية البحرينية للشفافية

مهام صعبة تنتظرنا لتنظيف البلاد من الفساد

التقت (المرصد البحريني) بالأستاذ يوسف زين العابدين زينل، عضو البرلمان السابق، ونائب رئيس الجمعية البحرينية للشفافية، تحدث فيها عن جمعيته، وشرح المصاعب التي تواجهها، والأعمال التي أنجزتها، وعلاقاتها بمنظمات المجتمع المدني المشابهة، في لقاء مطوّل وممتع، وهذا نصّ اللقاء.

الى أي مدى إستطاعت الجمعية البحرينية للشفافية بعد اكثر من سبع سنوات من تحقيق اهدافها المعلنة ؟

لا تستطيع أي منظمة مهما بلغت إمكانياتها والتسهيلات المتاحة لها أن تحقق اهدافها حتى بعد عقود، وبالنسبة للجمعية البحرينية للشفافية فإنها تؤسس لعمل لا سابق له، وهو مكافحة الفساد والمحسوبية وتأصيل الشفافية والنزاهة في الدولة والمجتمع، وهي مهمة صعبة، ولكن يمكن القول أن الجمعية رغم محدودية عدد افرادها وإمكانياتها، وصعوبة الوضع الذي تعمل فيه، استطاعت أن تحقق بعض أهدافها، وأهمها مراقبة الإنتخابات العامة في مملكة البحرين لدورة 2006 وقد أصدرنا تقريراً وافياً عنها، ونعمل على الإستعداد لمراقبة الإنتخابات القادمة في 2010. كما أنه وعلى امتداد السبع سنوات، فقد راقبت الجمعية انتخابات العشرات من الجمعيات السياسية والأهلية والإتحادات والنقابات بنزاهة وأمانة.

وعلى صعيد التشريعات، فإن الجمعية قدمت مقترحات تشريعية، وأعطت رأيها في مشاريع القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والنزاهة، وهي تعمل مع باقي الخيرين في السلطة التشريعية وفي المجتمع، من أجل أن تصدق البحرين على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد.

وعلى صعيد الرقابة على الحكومة، فقد اشتركنا مع مجلس النواب في ورشة عمل ميزانية الدولة للعامين 2009 – 2010، وقدمنا رؤيتنا للجنة المالية لمجلس النواب.

وعلى صعيد التوعية المجتمعية، فقد قامت الجمعية بتنظيم العديد من الورش والندوات للتأهيل والتوعية بمخاطر الفساد في القطاع العام والخاص والمجتمع.

وتحتل الجمعية مكانة مهمة في المنظمات والشبكات العربية المعنية بالشفافية ومراقبة الانتخابات، وشاركت في العديد من المنتديات، كما أن الجمعية عضو مشارك في منظمة الشفافية الدولية.

ورغم ذلك فأمامنا مهام عديدة وكبيرة لم تنجز حتى ننظف بلادنا من الفساد والمحسوبية والمحاباة، ونعزز دولة الشفافية والعدل والقانون.

ما هي المعوقات التي تعترض عمل الجمعية؟

تتعامل الجمعية مع قضايا حساسة في الدولة والقطاع الخاص والمجتمع، وهي قضية الفساد والمحاباه والمحسوبية، والتي تمس مصالح وأوضاع مؤسسات وشخصيات نافذة، في الوقت الذي تسود فيه ثقافة النفعية وتبادل المصالح وإستباحة المال العام. إن ظهر الجمعية مكشوف إذا ما تجاوزت ما يعرف بالخطوط الحمراء، وفي غياب التشريعات التي تحمي منظمات المجتمع المدني، والتكتم على كثير من المعلومات التي تعتبر متاحة وبديهية في الأنظمة الديمقراطية، وفي ظل سلطة تشريعية ضعيفة ومنقسمة طائفياً، فإننا نحفر في الصخر.

إضافة الى ذلك عزوف الكفاءات عن التطوّع في الجمعية، وهو ما تشكو منه الجمعيات التخصصية، وهو ما يضع اعباءاً كثيرة على مجلس الإدارة، ويحرمنا من طاقات كبيرة نحن بأمس الحاجة اليها، كما أن عزوف الدولة والقطاع الخاص عن تمويل مشاريع الجمعية، يحد من عملنا وطموحاتنا.

كيف تقيمون اثر الاصلاحات السياسية في توفير المناخ في الكشف عن الفساد والحدّ منه؟

لا شك أن هناك آثاراً إيجابية للاصلاحات السياسية على المناخ العام في البلاد وعلى تعاطي الدولة ومنظمات المجتمع المدني مع قضايا الفساد والمحسوبية. إن الترخيص للجمعية البحرينية للشفافية هو أحد هذه الآثار، وترتب على الاصلاحات إزدهاراً في تشكيل منظمات المجتمع المدني السياسية والأهلية والتخصصية، وتوسيع هامش الحريات. وفي الجانب الرسمي جاء تشكيل ديوان الرقابة المالية ونشره لتقريره السنوي ليزودنا بذخيرة في الكشف عن الفساد ومواطنه في الدولة، وإن كان بطريقة غير مباشرة. وجاء ازدهار الصحافة بإصدار صحف بإتجاهات مختلفة وتتمتع بهامش واسع من الحرية، ليكشف الكثير من قضايا الفساد ويتيح المعلومات لنا ولغيرنا، كما أنه وبرغم محدودية صلاحيات مجلس النواب، فقد تعاطى مع عدد من قضايا الفساد في الفصلين التشريعيين الأول والثاني.

ورغم وجود قانون الجمعيات والأندية وقانون العقوبات وقانون الصحافة وغيرها، هناك غياب للتشريعات المكافحة للفساد، وكذلك هناك قيود في حرية الوصول للمعلومات وغيرها.. كل هذا يشكل روادع لعدم المضي بعيداً في الكشف عن الفساد والمفسدين، ويشكل سيفاً مسلطاً على من يعرفون بمطلقي صفارات الانذار. ورغم ذلك فإن على قوى الاصلاح أن تعزز من نضالها ضد قوى الفساد والإفساد.

الفساد موجود في كل العالم، ما هي أدوات مكافحته على الصعيد الاهلي والرسمي؟

نعم الفساد موجود في كل العالم، ولا تخلو دولة منه حتى في أفضل الدول الديمقراطية ذات المؤسسات الرقابية القوية وتقاليد النزاهة والشفافية، وآخر ما سمعناه: فضيحة في المملكة المتحدة والتي اعتذر عنها رئيس الوزراء جوردن براون والتي تورط فيها كلا الحزبين العمال والمحافظين.

لكن يكمن الفرق في أنه في الدول الديمقراطية الحقيقية هناك تشريعات ومؤسسات وآليات للرقابة ومكافحة الفساد والمحسوبية وتعزيز الشفافية والنزاهة، ليس في أجهزة الدولة فقط، بل أيضاً في مؤسسات القطاع الخاص، بما في ذلك الشركات العالمية، وكذلك في الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وحتى في المؤسسات الدينية والخيرية. وإذا ما اكتشفت حالات فساد أو اساءة استخدام السلطة او المحاباه او المحسوبية يعاقب مرتكبوها حتى لو كانوا رؤساء دول، مثلما حدث مع الرئيس الامريكي الأسبق نيكسون.

إننا في مملكة البحرين بحاجة الى دراسة تجارب البلدان التي انتقلت من أنظمة التسلط والمحسوبية والفساد الى أنظمة ديمقراطية نزيهة وشفافة، ومثال ذلك ماليزيا، الدولة الاسلامية القريبة منا. كما أننا بحاجة الى تشريعات ومؤسسات رقابية مستقلة وحقيقية، والى قضاء نزيه، وسلطة تشريعية قوية ونزيهة تمثل المجتمع ومصالحه فعلاً، وسلطة تنفيذية في خدمة الشعب والوطن، ومنظمات مجتمع مدني قوية وفاعلة، وقطاع خاص ذي مسؤولية وطنية واجتماعية .

بإختصار نحن بحاجة الى الكثير والى الكثير قبل أن نطمئن لأوضاعنا .

هل هناك علاقة بين ثقافة المجتمع وبين الفساد من جهة تعريفه ودرجة خطورته؟

نعم هناك علاقة وثيقة بين ثقافة المجتمع وظاهرة الفساد وغياب الشفافية والمحسوبية والمحاباه.

ورغم أن ديننا الاسلامي الحنيف، وثقافة مجتمع ما قبل النفط إيجابية في تأكيدها على النزاهة ورفض المحاباة والظلم والفساد، إلا أن القيم التي أشاعها نظام الدولة الريعية، القائم على استخدام عوائد النفط، وأراضي الدولة، وتراخيص الشركات، والهبات بأنواعها، خلقت ثقافة نفعية تسوغ الفساد والمحسوبية والمحاباه، وتغيّب الشفافية والنزاهة، بحيث أضحى المفهوم السائد أن المال العام سائب، وأن أراضي الدولة سائبة، وأن المنصب الحكومي مغنم. وانتقلت العدوى للقطاع الخاص، فزاد الفساد وترك تأثيراته السلبية على المجتمع ومؤسساته، حتى أضحى الشريف والنزيه عملة نادرة.

هل هناك تنسيق بين جمعيتكم وبين جمعيات مماثلة في بلدان اخرى خاصة منظمة الشفافية الدولية، وكيف يمكن الاستفادة من تلك المنظمات في خدمة الوضع الحالي؟

نعم هناك تنسيق بين جمعيتنا وجمعيات مماثلة خليجية وعربية ودولية، كما أننا أعضاء في منظمة الشفافية الدولية وعدد من منظماتها الفرعية .

في منطقة الخليج، فإننا نعيش أوضاعاً مماثلة افرزتها الدولة الريعية، وباستثناء البحرين والكويت لا توجد جمعيات للشفافية في البلدان الخليجية الأخرى، ولذلك فإن الجمعيتين إضافة للجمعية الاقتصادية العُمانية تعمل لمكافحة الفساد. وفي المنطقة العربية، فإنه توجد جمعيات شفافية في بعض الدول، لكننا جميعاً نواجه أوضاعاً مشابهة في صعوباتها من حيث أن الفساد أضحى مؤسساً ومسلماً به في الحياة السياسية والاقتصادية والمؤسساتية، في السياسة والمال والمنصب.

وعموماً هناك شبكة تضم عدداً من جمعيات الشفافية في البلدان العربية الاعضاء في منظمة الشفافية الدولية، للتعاون وتبادل الخبرات وعقد المؤتمرات والندوات، وقد استضافت البحرين ورشة مهمة لتعريف دليل النزاهة الدولي، وهو إسهام معرفي مهم في تشخيص الفساد بخصوصياته العربية.

بالنسبة لعضويتنا في منظمة الشفافية الدولية، فهي عضوية مشاركة ونتطلع الى العضوية الكاملة، التي تتيح لنا الاستفادة من خبرات الشفافية الدولية، والمنظمات المتفرعة عنها، سواء في التدريب او المعارف، او تبادل الخبرات. بقي أن أقول أننا شاركنا في المؤتمر الدولي الثالث عشر لمكافحة الفساد والذي نظمته منظمة الشفافية الدولية في أثينا في نوفمبر 2008، واستقبلنا العديد من وفود المنظمة، وقد دعمونا في مراقبة الانتخابات العامة 2006 بشرياً.