تفعيل مؤسسات حماية حقوق الإنسان

لن تجد منظمة حقوقية تحترم نفسها لا ترحب بتشكيل هياكل مؤسسات معنية بحقوق الإنسان. والخطوة التي قامت بها البحرين مؤخراً بتشكيل مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، هي إحدى المؤسسات التي تمّ الترحيب بها، شأنها في ذلك شأن مؤسسات أخرى مثل تشكيل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، وإنشاء مكتب التظلمات في وزارة الداخلية، ووحدة التحقيق في مزاعم التعذيب التابعة للنيابة العامة وغيرها.

التأسيس خطوة تعبّر عن جديّة الدولة في التجاوب مع متطلبات حماية حقوق الإنسان، ولكن لا بدّ أن تتبعها خطوات أخرى، أهمّها الفاعلية والنشاط وتحقيق الأهداف المناط بها تنفيذها. فالتأسيس في حدّ ذاته ليس غاية، وإنما حماية وتعزيز حقوق الإنسان هي الغاية، ولذلك لا بدّ من بذل الجهد الكافي لتحقيق ذلك.

إن مقياس الأداء لا يرتبط بالتأسيس فقط، وبالنسبة لمنظمات حقوق الإنسان الدولية، فإنها في الوقت الذي تقدّر فيه إنشاء مؤسسات حماية حقوق الإنسان، فإنها لا تحكم على النوايا دون الأفعال، فإذا لم تحقّق تلك المؤسسات الغرض من انشائها، خسرت ثقة المجتمع المحلي كما ثقة المجتمع الحقوقي الدولي بها.

هناك مقاييس ومعايير لأداء المؤسسات التي تعنى بحماية حقوق الإنسان، من بينها:

1/ أن الحكم يكون على الإنجازات التي تحققها مؤسسة بعينها، لا على مشاريعها المستقبلية، ولا على النوايا والوعود الحسنة التي يبديها مسؤولوها، ولا أيضاً على أنظمتها ولوائحها الداخلية.

2/ تأثير فعل هذه المؤسسات على المنتفعين من أعمالها، وهم على نحو خاص المحتجزين والسجناء وعوائلهم. حيث لا تكتسب تلك المؤسسات شرعيتها الجماهيرية إلا حين يرى الجميع انها تدافع عن حق الضعفاء والضحايا، وإلا حين يبدي هؤلاء رضاهم عنها وثقتهم بها. ولذا على المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان أن تقنع كافة فئات المجتمع بأن تستفيد من نشاطاتها وأن تشارك في برامجها مهما كانت الصعوبات.

3/ نوعية الأشخاص القائمين على تلك المؤسسات، إذ يفترض ان تحرص على تعيين الأكفاء والمهنيين والموثوقين والمستقلين الشجعان، كأعضاء لها، لأن غياب أمثال هؤلاء، يجعل من تلك المؤسسات هياكل بلا محتويات، غير قادرة على تنفيذ المهام المطلوبة منها، وغير قادرة على إقناع المجتمع ككل بأهمية نشاطها.

4/ ومن عناصر قياس النجاح، وجود رصد لمدى التزام السلطات الرسمية بتوصيات واقتراحات المؤسسات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان، التي يعتمد نجاحها في جزء كبير منه على ذلك الإلتزام.

في حال فشلت هذه المؤسسات المعنية بحماية حقوق الإنسان في تحقيق أهدافها، فإنها تكون قد خسرت اعتراف المجتمع الحقوقي الدولي بها، وفقدت مصداقيتها، ولربما نُظر اليها كجزء من أدوات الدعاية الرسمية.