التعبيرات المذهبية في الخطاب الحقوقي

كما في التقارير والأخبار الصحفية، كذلك في التقارير والبيانات الحقوقية، اعتاد باحثون ومدافعون حقوقيون التأكيد على الإنتماءات الطائفية والعرقية، حين الحديث عن جماعة أو فرد أو جهة سياسية. يقال مثلاً بأن الحكومة الفلانية اعتقلت ناشطاً (شيعياً)، أو (قبطياً)، أو (بربرياً)، أو (زيدياً). هذه التعبيرات تبدو للبعض في الغرب وكأنها مفردة ضرورية شارحة لواقع سياسي واجتماعي ما.

بيد أننا نشهد في كثير من الأحيان إسفافاً في استخدام الإنتماءات والتعبيرات المذهبية والطائفية في التقارير والبيانات الحقوقية، بحيث لا تقدّم فائدة تعريفية للقارئ، بقدر ما تضلله؛ ولا تحلّ مشكلة حقوقية بعينها، بقدر ما تعقّدها حين تضفى عليها صفة الطائفية.

في حالة واحدة يمكن توضيح الإنتماء الطائفي أو العرقي أو غيره. وذلك حين الحديث عن التمييز ضد فئة أو جماعة أو طائفة ما على أسس مناطقية أو قبلية أو مذهبية أو دينية.

في غير هذه الحالة، فإن التأكيد على أن هذا المعتقل (شيعي) أو أنه ينتمي الى جمعية أو حزب سياسي (شيعي) فإن ذلك يعني إقحام العامل المذهبي على الخبر، وكأنّ (شيعيّة) شخص ما أو (سنيّته) سبب في اعتقاله. إذا كان الأمر كذلك، أي إذا ما تعرض شخص للإعتقال بسبب انتمائه الطائفي أو الديني، قبلنا بتوصيف انتمائه الطائفي؛ ولربما قيل بأنه اضطهد لأن انتماء الحكومة مختلف (شيعية كانت أم سنيّة).

في غير هذه الحالة، فإن التأكيد على أن هذا المعتقل (شيعي) أو أنه ينتمي الى جمعية أو حزب سياسي (شيعي) فإن ذلك يعني إقحام العامل المذهبي على الخبر، وكأنّ (شيعيّة) شخص ما أو (سنيّته) سبب في اعتقاله. إذا كان الأمر كذلك، أي إذا ما تعرض شخص للإعتقال بسبب انتمائه الطائفي أو الديني، قبلنا بتوصيف انتمائه الطائفي؛ ولربما قيل بأنه اضطهد لأن انتماء الحكومة مختلف (شيعية كانت أم سنيّة).

حين يقال بأن هذا شخص ينتمي الى تلك القرية الشيعية، أو الى تلك الجمعية السياسية الشيعية، أو الى الطائفة الشيعية.. فإن الإنطباع الأولي يعني بأن الخلفية للحدث الحقوقي طائفية، وأن السلطات أو مسؤولا ما فيها يستهدف تلك الطائفة، وليس هذا بالضرورة ما تقصده المنظمات الحقوقية الدولية في بياناتها، ولهذا نحن لا نحبّذ التأكيد على الإنتماءات الطائفية للجهات والأشخاص.

إن التعبيرات المذهبية، وإقحام الإنتماءات في نصوص التقارير والبيانات الحقوقية أمرٌ ضار في أكثر الأحيان، حيث تصبح مادة شحن طائفي، في حين أن المدافعين عن حقوق الإنسان يبحثون عن وسائل لتهدئة الصراع الطائفي، وتغليب الإنتماءات الوطنية على ما عداها، ومحاولة عدم نبش تلك الإنتماءات وإثارتها، لما تؤدي اليه من مخاطر الصدام في الشارع. إن ذكر الإنتماءات المذهبية قد يزيد من الإنشقاقات المجتمعية، و يسبب حساسية ليس فقط لدى السلطات السياسية، بل وأيضاً لدى فئات من المجتمع البحريني شيعية وسنيّة لا تؤمن بالتصنيفات المذهبية، وتعتبرها خطراً على مصالح المواطنين، وعلى العيش المشترك.