مجتمع مدني قوي ولكن..

يستطيع المرء أن يجادل بأن المجتمع المدني البحريني هو الأقوى بين دول الخليج الست؛ وقد تفوّق على نظيره الكويتي، بالرغم من أقدمية هذا الأخير وتوافر مساحة الحرية لنموّه. وفي وقت بدأت فيه تجربة المجتمع المدني الكويتي تميل الى البطء، تُظهر لنا التجربة البحرينية عنفواناً وتفاعلاً وانخراطاً كبيراً من قبل الجمهور في الشأن العام. وبالرغم من القصور في كثير من القضايا، فإن البحرين تبدو كمنارة بين دول الخليج سواء في مساحة الحريات العامة، أو في الحراك المجتمعي الناشط والصاخب الذي لم يتوقف منذ بدأ عهد الإصلاحات السياسية عام 2000.

الملك، في اجتماعه الأول مع أعضاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في 7/6/2010، أبدى شعوراً بالفخر والإعتزاز تجاه نشاط المجتمع المدني، الذي هو مشارك في الحياة الإجتماعية والتنموية والثقافية والسياسية والعمالية وغيرها. وقال بأنه كثيراً ما يلفت زواره الأجانب الى حيوية هذا المجتمع المدني، والذي توج تلك الحيوية ـ كما نظيره الكويتي ـ في المشاركة في أسطول الحرية المتجه الى غزة لكسر الحصار عنها. وأشار الملك الى أن المجتمع المدني البحريني وما يقوم به من نشاطات مختلفة قد خفف الأعباء عن الدولة، وأن هذا المجتمع كان فاعلاً حتى في ظروف الإستعمار في الخمسينيات الميلادية حيث النقابات العمالية والحركات السياسية والأنشطة الثقافية التي رسخت جذورها مبكراً. وأخيراً أكد الملك بأن من مسؤولية الحكومة في البحرين، أن توفر المناخ والإمكانات اللازمة لضمان استمرارية عطاء المجتمع المدني.

رغم أنه متفوق على أقرانه، لم يصل المجتمع المدني البحريني الى أوج قوته ونضجه. هناك مساحات كبيرة لكي يتقدم فيها النشاط، وتتكثف فيها الخبرة، ويتزايد خلالها العطاء. لدينا جمعيات لاتزال ضعيفة الأداء؛ ولدينا مجتمع لم يعطِ بما فيه الكفاية من وقته وماله وجهده.. ولدينا طيف واسع من الموضوعات والقضايا تبحث عن جمعيات أهلية جديدة تتبناها وأيدٍ تحمل عبء الإضطلاع بها. وقد أكد الملك ـ بشكل لا لبس فيه ـ ثقته في قدرة المجتمع البحريني على العطاء والإنتاج والمساهمة في أعمال الخير داخل البحرين وخارجها.

لكي تحدث انعطافة إيجابية في نشاط المجتمع المدني البحريني فإن الحكومة مطالبة بأن تقرن القول بالعمل، وأن تزيد من دعمها المالي واللوجيستي للجمعيات غير الحكومية، وأن تسهل في القوانين، وتحدث التعديلات المطلوبة في قانون الجمعيات غير الحكومية.