المفوضة السامية في الخليج

قامت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، بزيارة عمل في أبريل الماضي الى الدول الخليجية الست. الزيارة كانت أكثر من ضرورية؛ فرغم التباين الواضح في الإلتزام بالمعايير الحقوقية الدولية بين هذه الدول، كان تسليط الضوء عليها مهمّاً من جهة متابعة وتقييم التزاماتها، وحثّها على المزيد من احترام حقوق الإنسان لمواطنيها ولملايين العاملين الأجانب في أرضها. كما كان مفيداً للمفوضة السامية أن ترى الفوارق الواضحة بين دول الخليج، ومقدار الحراك الحقوقي فيها، وطبيعة الأجواء السياسية التي تجري تحت إطارها النشاطات الحقوقية.

كان لافتاً أن المفوضة بيلاي، قد كررت طلبها بضرورة إلغاء نظام (الكفيل) المتعلّق بالعمالة الأجنبية في جميع دول الخليج. وحدها البحرين، كان الأمر فيها محسوماً، حيث تمّ الإلغاء منذ نحو عام. هذه الدعوة عزّزت قوة الناشطين الحقوقين وأصحاب الرأي في المؤسسات الرسمية المطالبين بإلغاء نظام الكفيل باعتباره نظاماً أقرب الى العبودية منه الى أي شيء آخر. كما أثارت الدعوة جدلاً ونقاشاً إيجابياً امتدّ الى محطات التلفزة والصحافة والمنتديات ووسائل التعبير الأخرى.

بيلاي طالبت أيضاً بتوفير نظام إنساني يوفّر الحماية القانونية للملايين من خدم المنازل؛ وحتى الآن لم تقم أية دولة خليجية بوضع منظومة قانونية حمائية جديدة، خاصة وأن عدد ضحايا الخدم كبير، ومعظمهنّ من النساء. فيما اشتكى عدد من الناشطين الحقوقين من أن السيدة بيلاي لم تبد اهتماماً كافياً بانتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بالمواطنين في بعض دول الخليج، حيث الأنظمة السياسية مغلقة، والقيود شديدة على تأسيس المنظمات الأهلية، والإنتهاكات كثيرة.

في البحرين، كان جدول المفوضة مختلفاً، فقد التقت بالملك، وعدد من الوزراء، وبحثت كافة الموضوعات المتعلقة بمدى التقدّم في التزامات البحرين الحقوقية التي تعهدت بتطبيقها في إطار المراجعة الدورية الشاملة وغيرها.

تنبع أهمية زيارة بيلاي للبحرين من أنها اطلعت على الوضع الحقوقي من وجهتي النظر الرسمية والأهلية. وحصلت على التزامات وتأكيدات رسمية من مختلف المستويات باحترام حقوق الإنسان وتعزيزها. فالملك الذي أكد على عدم وجود سجين رأي واحد، أبدى حرصاً على تعزيز الحقوق السياسية لكل فئات المجتمع، وعلى تطوير القوانين العمالية، والتقدم ببرامج حقوق الإنسان.

ووزير الداخلية قال أن الحكومة لديها قناعة ذاتية ورؤية وطنية بأهمية تطبيق مبادئ حقوق الإنسان وترسيخها واحترامها، مؤكداً أن هناك ضوابط ورقابة على ممارسات رجال الأمن، مشيراً الى أن من يخطيء يتحمل نتائج خطأه. وأضاف بأن لا مكان في البحرين للتعذيب الممنهج، وأن وزارته اهتمت بتدريس الشرطة مقررات عن حقوق الإنسان.

أما وزير العمل، فقال بأن القوانين الجديدة للعمل في البحرين تواكب جميع مبادئ حقوق الإنسان. لكن المفوضة التي سجلت تقديرها للبحرين وريادتها في مجال حماية العمالة الوافدة، طالبت بأن تحظى العمالة المنزلية باهتمام ورعاية مماثلين.

بيلاي أكدت على دور الجمعيات المدنية في حماية حقوق الإنسان، وعلى ضرورة توفير الحماية لنشطاء حقوق الإنسان، والبيئة المناسبة لنشاط المجتمع المدني. أما النشطاء الحقوقيون فقد اجتمعوا مع الوفد المرافق للسيدة بيلاي وقدموا شكاواهم المتعلقة بضعف تعاون أجهزة الحكومة معهم، وعدم حل (الملفات العالقة)، إضافة الى موضوعات أخرى تتعلق باستخدام الشوزن في مواجهة الشغب، وقضايا التمييز والعنف ضد المرأة، وغيرها.

ما يأمله مرصد البحرين لحقوق الإنسان هو أن تتحول نتائج الزيارة الى خطط عمل، وأن تساهم في حل المشكلات القائمة، وأن تتحول تصريحات المسؤولين الى برامج يتعاون المجتمع المدني والجهاز الحكومي في إنجازها.