محاكمة شفافة لمتهمي (الحجيرة)

حسناً فعلت أن ارسلت منظمات محلية ودولية مثل العفو الدولية والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، و (آيفكس)، وهيئة حقوق الإنسان الإسلامية البريطانية، وجمعية المحامين البريطانية وغيرها، أن بعثت مراقبين متخصصين لديها لمتابعة محاكمة من عرفوا اليوم بـ (متهمي الحجيرة). شأنها في ذلك شأن جهات أخرى مهتمة كالسفارة الفرنسية في البحرين ونشطاء حقوقيين آخرين.

كان انعقاد محكمة متهمي الحجيرة في 24/3/2009 بحضور وسائل الإعلام وتحت نظر الرقابة، وبالعلانية والشفافية التي ظهرت بها أمراً في غاية الأهمية بالنسبة لضمان سير العدالة. وقد خرج المراقبون بانطباع إيجابي للغاية بشأن مراعاة معايير المحاكمة العادلة، فقد كانت المحاكمة (هادئة، وشفافة) وتحمّل القاضي بصدر رحب الكثير من النقد وحتى الطعن والتعدي عليه وعلى المحكمة، وقال أنه سمح لعدد من المعتقلين بالحديث رغم وجود محامين لهم، وانه تغاضى عن بعض الكلمات التي قد تكون غير مسؤولة.

الأهم في المحاكمة لـ 35 شخصاً اتهموا بالتآمر وتدبير انقلاب وتوتير الوضع الأمني وتبييت النية لاستخدام العنف وغير ذلك، يكمن في نتائجها الأولية، فقد قرر القاضي ـ وكما طلبت هيئة الدفاع عن المتهمين ـ البدء بتحقيق جديد مع المتهمين، وعدم اعتماد تحقيقات النيابة المتهمة بمخالفة القانون حين عرضت ـ وخلاف القانون ـ اعترافاتهم أثناء التحقيق وعلى شاشات التلفزيون، كما وافق القاضي أيضاً على التحقيق في مزاعم التعذيب بالتوافق مع المحامين، وعلى إلغاء الحبس الإنفرادي للمتهمين.

أيضاً فإن مساحة الحرية التي أعطيت للمتهمين وللمحامين كانت كبيرة.

عبدالجليل سنقيس، أحد أهم ثلاثة ناشطين سياسيين متهمين، قدم مرافعة صريحة حوت هجوماً على القاضي والمحكمة، واعتبر السنقيس المحاكمة (محاكمة ضمير) ووصفها بأنها أداة في تصفية حسابات لصالح النظام، وأن التهم الموجهة له مختلقة.

الناشط السياسي حسن مشيمع والمتهم في القضية قال أن التهم الموجهة إليه كيدية وسياسية، وطعن في عدالة المحكمة التي تغض النظر عن دعاوى التعذيب. وأضاف: (لقد اعتقلت سابقاً ظلماً لأني طالبت بالحقوق، وقبل عام من الآن تم اعتقالي والتحقيق معي لمطالبتي بالحقوق ومن ثم صدر قرار من جلالة الملك بالإفراج عني وإنهاء القضية، واليوم أيضاً تتم محاكمتي للسبب ذاته). واضاف: (وجودي الآن أمام هذه المحكمة لأني سياسي، ولا مكان لبقية التهم الزائفة).

أما الشيخ محمد المقداد فقال بأنه (لا توجد قضية إرهاب ولا توجد خلية ارهابية، ولا يوجد استهداف لأحد أو لمنشآت، وهذه الوجوه الطيبة جميعها لا أعرفها، فكيف قمت بتشكيل هذه الخلية؟). ونفى المقداد مسألة التمويل للشبكة، أو أنه يريد قلب نظام الحكم.

أيضاً فإن هيئة الدفاع طالبت باستبعاد تحقيقات النيابة العامة لأنها (خصم للمتهمين) وطالبوا بإعادة التحقيق في القضية من جديد بصفة مستقلة، كما تقدم المحامون بمذكرة عن دعاوى تعذيب للمتهمين، ومحاكمة من مارسه. كما وانتقدت الهيئة حبس المعتقلين انفرادياً واعتبروه ضرباً من سوء المعاملة.

وحين ردّ ممثل النيابة العامة هارون الزياني بأن (النيابة العامة خصم شريف في الدعوى الجنائية وليست طرفاً ضد أحد) وأن غرضها إظهار الحقيقة، نافياً مزاعم التعذيب، معتمداً على التقارير الطبية.. رد عليه المحامون بأن نشر أسماء وصور المتهمين وتفاصيل الإعترافات أثناء التحقيق في القضية مخالف للنصوص القانونية.

عكست جلسة المحاكمة حرص القاضي على أن لا تشوب المحاكمة أيّة شكوك أو طعون، ولنا أمل أن يستمر الإلتزام بالإجراءات والمعايير الصحيحة وكذلك بالشفافية في الجلسات القادمة.

حسن موسى الشفيعي

رئيس مرصد البحرين لحقوق الإنسان