محاكمة الناشط عبدالهادي الخواجة:

خطاب 7 يناير يحدد مصير الجلسات القادمة

بدأت هيئة المحكمة الكبرى الجنائية جلسة المحاكمة العلنية الأولى للناشط عبدالهادي الخواجة، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان (تمّ حلّه رسمياً في نوفمبر 2004) وذلك في 8/3/2009م، وبحضور عدد من ممثلي المنظمات الحقوقية الدولية (هيومان رايتس ووتش، فرونت لاين)، الى جانب محامي الدفاع: محمد أحمد وحافظ علي، وأيضاً بحضور عدد من وسائل الإعلام، وعائلة المتهم، وعدد من المهتمين بالقضية.

عبدالهادي خواجه

قرأ القاضي التهم الموجهة للخواجة من قبل النيابة العامة وهي أنه في فجر يوم 7 يناير الماضي ألقى خطاباً علنياً في محفل عام روج فيه لقلب وتغيير النظام السياسي في الدولة بالقوة، وأنه حرّض علانية على كراهية نظام الحكم والازدراء به، وأنه أذاع عمداً أخباراً وشائعات كاذبة ومغرضة، وبث دعايات مثيرة تتعلق بأوضاع داخلية بالبلاد من شأنها اضطراب الأمن العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة.

بعدها سأل القاضي الناشط الخواجة إن كان مذنباً أم لا: فأجاب بالنفي. حينها طلب رئيس النيابة العامة بعرض قرص ممغنط يحوي تسجيلاً مصوراً لخطاب الخواجة والذي تقوم عليه التهم المنسوبة إليه، إلا أن المحامي محمد أحمد رفض عرض القرص لأن النيابة لم تُطلع هيئة الدفاع على القرص مسبقاً باعتباره دليل اتهام.

محامو الدفاع اعتمدوا على مسألتين في دفاعهم عن موكلهم الناشط عبدالهادي الخواجة: الأولى ـ أنهم طعنوا في مواد الإتهام واعتبروها غير دستورية لأنها تخالف المادة الثالثة والعشرون من الدستور، والمتعلقة بحريّة التعبير، مشيرين الى أن ما قاله المتهم مجرد تعبير عن رأي. والثانية ـ تتعلق بالنيابة العامة نفسها وبمرجعيتها حيث (لا يجوز اعتبار سلطة الاتهام جزءا من السلطة القضائية، إذ أن ذلك مخالف لأي منطق قانوني، وسلطة الاتهام جزء من السلطة التنفيذية، وبالتالي لا يجوز اعتبارها شعبة من الشعب القضائية) حسب المحامي محمد أحمد.

القاضي من جانبه، أعلن تأجيل القضية الى 15/4/2009، حيث سيعرض محتوى القرص الممغنط.

أندريا روكا، من فرونت لاين، الذي حضر الجلسة رأى (أن محاكمة الخواجة والتهم الموجهة إليه تستند إلى ممارسته لحقه في التعبير عن آرائه، وهي مكفولة تحت حق حرية التعبير، وبغض النظر عن محتوى التصريحات التي أطلقها الخواجة، إلا أن الحكومة بحاجة لأن تكون أكثر تقبلاً للنقد، وخصوصاً تهمة محاولة قلب نظام الحكم، فهي غير مدعومة بالأدلة على اعتبار أن الخواجة لم يدعُ إلى استخدام القوة)، وتابع بأن منع الخواجة من السفر يعيق عمله كونه عضواً بمنظمة فرونت لاين الدولية.

من جهته، قال المحامي العام الأول عبدالرحمن السيد، في رده على أندريا روكا بأن ما ذكره الأخير (غير صحيح، وهو ناشئ عن تفسير خاطئ لطبيعة الاتهام المسند إلى المتهم، وعن عدم استيثاقه من أدلة الدعوى). وأضاف: (الاتهامات المسندة إلى المتهم لا تمس حرية التعبير ولا تنال من أي حق من حقوق الانسان) مشيراً الى أن هناك فارقاً كبيراً من منظور الدستور والقانون بين الانتقاد المشروع لأعمال السلطة في الدولة (وبين الدعوة الصريحة إلى الخروج عليها وتغييرها باستخدام القوة والعنف).

والتمس المحامي العذر لممثل فرونت لاين بالقول: (من المؤكد أن أندريا روكا ألقى تصريحه المنشور من دون أن يطلع على أوراق القضية، أو قبل الرجوع إلى المصادر الرسمية الموثوقة للتعرف على الأدلة المتوافرة ضد المتهم، وإلا ما ذكر أن التهمة غير مدعومة بالأدلة، وأن المتهم لم يدع إلى استخدام القوة، في الوقت الذي يوجد بملف القضية تسجيلاً صوتياً ومرئياً لكلمة المتهم التحريضية، يظهر فيه وهو يدعو جهاراً وفي عبارات واضحة إلى تغيير النظام بالقوة والعنف بطرائق متعددة).

وبمناسبة محاكمة الخواجة، أصدرت هيومن رايتس ووتش بياناً طالبت بإسقاط التهم عنه ورفع حظر السفر عنه وإطلاق حرية التعبير، مضيفاً (إن مقاضاة الخواجة هي واحدة من عدة إجراءات يبدو أنها ترمي مجتمعة إلى التضييق على حرية التعبير في البحرين، على رغم أن دستور البلاد يحمي الحق في حرية التعبير). وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جو ستورك (إن المجاهرة بالحديث بقوة عن حُكام البلاد يجب ألا تُعتبر جريمة، والحكومة التي تزعم أنها تروج للديمقراطية وحقوق الإنسان، كالبحرين، عليها ألا تزج بالناس إلى السجون جراء ما يصدر عنهم من أقوال أو كتابات).

مهما يكن من أمر، فإن المهم هو توافر عناصر المحاكمة العادلة وحضور ممثلين عن المنظمات الدولية لضمان سلامة اجراءاتها، ولمعرفة حقيقة التهم الموجهة وما إذا كانت تستوجب العقاب، وهذا ما ستكشف عنه جلسات المحكمة القادمة.