هل هذه رسالة البحرين للمنظمات الحقوقية الدولية؟

فتحت زيارة وفد منظمة فرونت لاين الى البحرين (11-14/1/2010)، وعدم تمكنه من لقاء المسؤولين الأساسيين المعنيين بملف حقوق الإنسان، مسألة علاقة الأجهزة الحكومية بالمنظمات الدولية، وشكوى هذه الأخيرة المستمر

من تجاهل تلك الأجهزة لمبادرات الاتصال ورسائل الإستفسار. لقد أجرى نائب المدير التنفيذي لمنظمة فرونت، السيد أندرو اندرسون، لقاءً صحفياً مع جريدة الوسط (18/1/2010) قبيل مغادرته البحرين، أبدى فيها استياءه بسبب ما يمكن توصيفه بـ (الإهمال الرسمي) له وللوفد المرافق. كان الوفد يطمح للقاء مسؤولين في وزارتي العدل والداخلية والنيابة العامة إضافة الى وزارة الخارجية ووزارة التنمية الإجتماعية، ولكنه في النهاية التقى بمسؤول في وزارة الخارجية، حيث أجرى نقاشاً إيجابياً ـ حسب تعبيره ـ تمت خلاله مناقشة التنسيق والتواصل معها في حال وردت شكاوى. وقال أندرسون بأنه أكد على ضرورة إجراء تحقيق دوري بشأن ما يتردد من ادعاءات التعذيب.

أيضاً التقى الوفد بمسؤولين في وزارة التنمية الإجتماعية (المختصة بمنظمات المجتمع المدني)، وناقش معهم قضايا مختلفة. ويعتب أندرسون على وزارتي العدل والداخلية فيقول: (خاب ظننا أننا كنا نأمل لقاء المسؤولين [فيهما].. على رغم أننا حددنا الأسئلة والموضوعات التي سنناقشها مع المسؤولين في وزارة العدل، وهو الشرط الذي فرضوه على المنظمة قبل اللقاء، فإننا في نهاية الأمر لم نتمكن من الحصول على رد إيجابي بهذا الشأن. وهذا أمرٌ غير جيد). كما أشتكى أندرسون بأنه عندما (نطلب من الحكومة تزويدنا بالمعلومات عن القضايا التي تردنا، لا نحصل ـ للأسف ـ في كل مرة على تفاعل أو ردود من الجهات الرسمية بالصورة المطلوبة).

مدهشٌ حقاً.. فالحكومة لا تضع قيوداً على كل المنظمات الدولية التي تأتي للبحرين، ولا تقيّد فعالياتها، وهي لا تحتاج أساساً الى إذن مسبق، حيث الفيزا متوافرة في المطار للجميع، ولا الحكومة تطلب إذناً مسبقاً للقيام بفعاليات أو مهمات حقوقية سواء تعلق الأمر بالبحرين أو بدول المنطقة.

ثم إن الحكومة، ومن الناحية الفعلية تدعو منظمات حقوقية دولية وعربية لزيارة البحرين، للقاء المسؤولين والحوار معهم، والمشاركة في الأنشطة الحقوقية، والإستفادة من خبرات تلك المنظمات عبر الندوات وورش العمل.

نعتقد أن ما جرى لفرونت لاين كان سببه سوء الإدارة. ولكن ليست هذه هي المسألة الوحيدة التي تزعج المنظمات الدولية، فهناك عدم الرد على استفساراتها ورسائلها وتزويدها بالمعلومات وما أشبه. هذه قضية مستمرة منذ أن بدأت الإصلاحات وحتى الآن.

في القضايا المتعلقة بمزاعم الإنتهاكات لحقوق الإنسان، فإن لدى الحكومة رأي فيما يقال وينشر وفيما تتهم به، ونظن أن لديها معلوماتها الخاصة بالحالات موضع التجاذب. فهل هي قد قرّرت عدم التواصل مع تلك المنظمات بسبب أن موقفها ضعيف مثلاً؟ أم أنها لا ترغب في الأساس التعاطي مع المنظمات الحقوقية إلا بحدود؟

في أكثر القضايا المطروحة، لا نظن أن الأمر كذلك. ونعود مرّة أخرى الى المشكلة الحقيقية، فملف حقوق الإنسان في البحرين لا توجد جهة حكومية محددة مسؤولة عنه، ما عدا وزارة الخارجية المسؤولة عن ملف المراجعة الدورية الشاملة. ومع أن هناك لجنة في وزارة الداخلية معنية بحقوق الإنسان، الا إنها لم تلتقي مع وفد فرونت لاين، ولم يظهر منها أنها مسؤولة عن العلاقات مع المنظمات الحقوقية الدولية والإجابة على استفساراتها.

ماذا يعني عدم التجاوب مع المؤسسات الحقوقية الدولية والعربية؟

إنه يؤكد أن ما يقال من مزاعم الإنتهاكات صحيح. والصمت دلالة على صحّة الإتهامات.

كما أن عدم التجاوب يسيء لسمعة البحرين كبلد لا تحترم حقوق الإنسان فيه، ولا المنظمات المعنية به.

فهل هذه هي الرسالة التي يراد إيصالها الى تلك المنظمات الحقوقية؟!

يجب النظر بجديّة الى هذه المشكلة، مشكلة التواصل مع المنظمات الحقوقية الدولية، وعلى الحكومة أن تضع حلاً ـ طال انتظاره ـ لها.