نادي مدريد يوصي: الحوار، التعديل، الإلتزام بالقانون

نادي مدريد منظمة حديثة تأسست قبل نحو ست سنوات في مدريد. قام النادي بمبادرة أسهم فيها 50 رئيس جمهورية أو رئيس وزراء لحكومات منتخبة في العالم، وقد وصل عددهم الآن الى نحو 74 شخصاً. وكان هدف تلك المبادرة دعم العملية الديمقراطية والترويج للإصلاحات والتأسيس للحوار بين الحكومات والمعارضات السياسية في سائر بلدان العالم، وذلك عبر عرض تجربتهم وخبراتهم في هذا المجال، ومن خلال تقييم نشاطات الدول ذات الديمقراطية الناشئة بالذات. لهذا قرر النادي الإهتمام بثلاث دول عربية رأى أنها بحاجة الى خبرة أعضاء النادي، باعتبارها قطعت شوطاً في التغيير نحو الديمقراطية، وهي: البحرين، والمغرب، والأردن. وقد قدّم النادي اقتراحاته لهذه الدول الثلاث بعد الإطلاع على أوضاعها الخاصة في عملية التحول الديمقراطي.

الوفد الذي زار البحرين لثلاث مرات خلال العام الماضي، تشكل من ثلاثة رؤساء وزراء سابقين، هم: فلديس بيركافس، رئيس وزراء جمهورية لاتفيا السابق، وزلاتكو لاغومدزاجي، رئيس وزراء البوسنة والهرسك السابق، وليونيل جوسبان، رئيس وزراء فرنسا السابق.. اجتمع الوفد خلالها بممثلين عن منظمات المجتمع المدني، وعن الحكومة، وعقد عدداً من الإجتماعات ونظم جلسات حوار وورش عمل شارك الجميع فيها.

قدّم الوفد خلاصة رأيه وتجربته للبحرين على شكل توصيات سلمها الوفد مباشرة في تقرير الى الملك في 15/2/2009، وهي:

1/ ضرورة مأسسة الحوار المنتظم والمستمر بغرض بناء الثقة بين مختلف الأطراف وأصحاب المصلحة. أي فتح قناة حوار بين قادة الدولة والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والأطراف الأخرى ـ حسب تعبير رئيس وزراء لاتفيا ـ والتأكيد على أن التغيير لا يأتي عبر المراسيم وإنما عبر الحوار.

2/ تعديل القوانين المقيدة للحريات العامة ومن بينها قانون الجمعيات السياسية وقانون التجمعات، ولكن من خلال الحوار.

3/ التأكيد على ميثاق الشرف الذي يحكم نشاط الإعلاميين.

4/ أوصى التقرير بأن تقدم الدولة الدعم الدائم والمنتظم الى الجمعيات السياسية لتنمية قدراتها حتى تقوم بالدور المطلوب في تطوير العملية السياسية.

5/ كما اوصى بأن تلتزم الجمعيات السياسية من جانبها بالقانون المعمول به، والعمل بأجندتها الوطنية بعيداً عن كل أشكال الطائفية.

6/ وأخيراً أوصى التقرير بضمان استقلالية القضاء.

واضح ان التوصيات وإن سُلّمت الى رأس السلطة السياسية، فإنها كانت متوازنة، بحيث شملت متطلبات الحكومة بضرورة التزام الجمعيات السياسية بالعمل تحت سقف القانون والإبتعاد عن الإصطفاف الطائفي، وضرورة ان يلتزم الإعلاميون بميثاق الشرف الذي يحكم نشاطهم. أي أن المعني بالتوصيات ليست الحكومة وحدها، وإنما أيضاً الجمعيات السياسية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى.

ولعلّ تصريحات مسؤولي نادي مدريد التي أعقبت تسليم التوصيات توضح ذلك أكثر. ففي مؤتمر صحافي عقده وفد نادي مدريد بعد لقائه بالملك قال رئيس وزراء لاتفيا بأن منظمات المجتمع المدني طلبت من النادي إيصال رؤاها الى القيادة السياسية فيما يخص الحوار مع الحكومة، وما يتعلق بحرية تكوين الجمعيات. وألمح الى أنه ينبغي عدم الإستعجال في إقرار وتطبيق التشريعات، فـ (هناك بعض المشكلات التي قد تعترض التشريعات في عملية إقرارها، والأمر ينطبق على تشريعات الإعلام والجمعيات السياسية والتجمعات في البحرين). وتابع بأن التعديلات على تلك التشريعات على أجندة السلطة التشريعة.

وأوضح فلديس بيركافس أن (تنفيذ التوصيات يجب ألا يؤدي الى حال من عدم الإستقرار. وللأسف فإن البعض يعتقد أن كل هذه الأمور الواردة في تقريرنا يجب أن تتم بسرعة) وتوقع أن يعود الوفد مرة أخرى (لأننا تسلمنا دعوة من القيادة السياسية بالعودة، وهذا مؤشر لاستعدادها بالسماح لنا بمتابعة التوصيات، ومن الواضح ان جلالة الملك يدعم المشروع الذي قدمناه اليه).

من جانبه رأى رئيس وزراء البوسنة السابق أن (ليس من مهمتنا التحقيق أو فرض الآراء، وإنما المساهمة في دعم الخبرات المحلية لكي تتحول البحرين الى الدولة الأكثر ديمقراطية).

مأسسة الحوار بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني تمثل (كلمة السرّ) فمن خلاله يمكن الإتفاق على التعديلات المطلوبة في التشريعات وغيرها، وإن كانت الحكومة تريد أن يتم كل ذلك عبر بوابة المجلس النيابي، وإن كانت ليست واسعة بما فيه الكفاية.