ندوة في جنيف: البحرين أمام استحقاقات حقوقية وسياسية

على هامش الدورة التاسعة عشرة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، ألقى رئيس مرصد البحرين لحقوق الإنسان حسن موسى الشفيعي كلمة في ندوة عقدت في 15/3/2012، حول حقوق الإنسان في سياق الربيع العربي، برئاسة د. لؤي ديب من الشبكة الدولية للتنمية وحقوق الإنسان. وقد أوضح الشفيعي ملامح الربيع السياسي في البحرين قبيل الربيع العربي، والذي ابتدأ بالإصلاحات السياسية عام 2000، حيث تشكلت الأحزاب السياسية، وتأسست منظمات المجتمع المدني، وقامت الإنتخابات البلدية والنيابية، وتوسعت مساحة حرية التعبير والتجمع والتظاهر والإضراب وغيرها، وتم تعديل أو استحداث الكثير من القوانين والأنظمة المقننة لأجهزة الدولة، وغير ذلك.. حتى جاءت الأحداث الأخيرة لتحدث أزمة كبيرة داخل السلطة والمعارضة والمجتمع.

وأضاف بأن خروج المواطنين للتظاهر في الشارع البحريني، كان تعبيراً عن الحاجة الى مزيد من الإصلاحات السياسية، ذلك أن الخطوات الأولى للإصلاح ولّدت وحفّزت من جانب آخر الطبيعة البشرية للمطالبة بالمزيد منها.

وتابع بأن الإصلاحات في البحرين رغم تقدميتها اصطدمت بخشية وقلق من بعض الأطراف المحلية، وبعنف وشغب في الشارع، ما جعل عجلة الإصلاحات تفقد بعض زخمها، وتتباطأ بشكل تدرجي، كما لاحظ ذلك ولي العهد البحريني.

وأشار الشفيعي الى أن السلطة التنفيذية لم تكن بمستوى القرارات الكبرى التي اتخذت في مجال الإصلاح، فلم تفعّل بما فيه الكفاية، وكان أداء الوزارات الخدمية والمعيشية دون المستوى، كما كان هناك وضع إقليمي قاهر، حيث أصبحت البحرين ضحية وضع إقليمي جامد غير مشجّع على الإصلاحات السياسية واحترام حقوق الإنسان.

وشرح الشفيعي ما جرى في البحرين بالقول، أن شعوب الدول التي بها عملية اصلاح قائمة أو مساحة من حرية التعبير، تكون ـ في الأعم ـ أكثر استجابة وقدرة على الحركة في التعبير عن مكنوناتها وتطلعاتها من تلك التي تقع تحت نير الديكتاتورية المطلقة، ولذا كان من المتوقع أن تأخذ التحركات والتحولات السياسية طابع (الإصلاح) لا (التغيير الشامل/ الثورة)، وكان يفترض في البحرين بالذات أن يحدث فيها شيء شبيه بما جرى في المغرب، وبذا يكون تحرّك الشارع فاعلاً في إعادة الزخم لمشروع الإصلاحات، وفي الانتقال بالنظام السياسي والمجتمع برمته الى حالة أخرى متطورة بصورة سلمية ديمقراطية حضارية.

لكن وقعت أخطاء من جانب قوى الأمن اعتذرت عنها ووعدت بالتحقيق، وتبع ذلك تشدد من القوى السياسية المعارضة صاحبه بعض العنف والتخريب. وفي ظل هذا الوضع، فشلت نداءات الحوار التي دعا اليها ولي العهد، فيما أخذ طرف آخر من المعارضة بعضاً من الجمهور الى حيث (اسقاط النظام) انتهى الى ما انتهى اليه من صدامات.

وخلص الشفيعي الى أن الطرفين الحكومي والمعارض فشلا في إدارة الأزمة، وكانت الخسارة كبيرة لأطراف الاعتدال في السلطة والمعارضة، بل أن الخسارة الأكبر تكمن في الانشقاق الحادّ في النسيج الاجتماعي على أسس طائفية، كما كانت الخسارة فادحة لحقوق الإنسان.

وختم الشفيعي كلمته، بأن هناك مساران لحل الأزمة في البحرين: أحدهما حقوقي تمثل في تشكيل لجنة بسيوني وتطبيق توصياته، وهذا يعالج الموضوعات المتعلقة بحقوق الإنسان؛ والثاني سياسي يفترض أن يتم من خلال الحوار السياسي بين اللاعبين السياسيين، بحيث ينتج توافقاً بين القوى السياسية الشيعية والسنية والعائلة المالكة.