بسيوني.. رؤية لواقع البحرين

في لقاء صحفي له مع موقع المونيتور الأميركي، في 13/6/2014، تحدث البروفيسور شريف بسيوني، رئيس اللجنة الوطنية المستقلة لتقصي الحقائق، عن آرائه ورؤيته تجاه الأزمة في البحرين في جوانبها المختلفة. ففي تقييمه لما أُنجز من توصيات التقرير الذي عرف بإسمه، قال بأن الحكومة البحرينية نفذت عدداً منها وهي تستحق التقدير على ذلك، وانها لاتزال مستمرة في التنفيذ، وأضاف: (لكن ما يُؤخذ على تنفيذ التوصيات، هو التعامل معها بأسلوب جزئي، وهو ما لا يخلق الأثر التراكمي حين يتم تمييعه على مدى فترة أطول من الزمن، وحين لا يتم ربط الأمور مع بعضها بعضاً). ومن وجهة نظره، فإن الغرض من وجود التوصيات هو تحقيق أسباب الراحة الاجتماعية، وذلك في محاولة لإحداث الشعور بالتقدير لدى مجموعة في مجتمع معين بغرض التأكيد على احترام حقوقهم (وبالتالي، فإنه لا بد من دراسة الأثر التراكمي لدى تلك المجموعة، باعتبارها وسيلة لتقييم الأثر).

وتساءل بسيوني حول مآل بعض التوصيات التي رأى انها مهمة جداً ويمكن أن تترك أثراً كبيراً، وأبرزها تلك المتعلقة بموضوع المساءلة. وتابع فيما يتعلق بموضوع (الإفلات من العقاب) فقال بأنه لا يشك (بأن هناك تقدماً كبيراً تم إحرازه، إنها دائما قصة ما إذا كان يجب النظر إلى نصف الكأس الفارغ أو المملوء. فبالمقارنة مع ما هو موجود.. تم إحراز تقدم كبير؛ في حين أنه وبالمقارنة بما يمكن القيام به، فبالطبع هناك الكثير الذي يجب القيام به).

واشاد بسيوني بالإصلاحات التي قام بها وزير الداخلية خصوصاً، ورأى أنه (اهتم فعلاً بمضمون التوصيات؛ إذ أنشأت وزارة الداخلية الأمانة العامة للتظلمات، كما تم إنشاء مكتب لتدريب الشرطة، وكذلك تغيير قائد الشرطة، وهناك العديد من التحسينات، والفضل في ذلك يعود إلى الوزير نفسه).

وحدد بسيوني مشكلة تتعلق بالنيابة العامة التي رأى أنها لا تقوم بالتحقيق بما يكفي، ربما بسبب عدم وجد الموارد الكافية (وعلى صعيد المصداقية، فلا أعتقد أن النيابة العامة تملك مصداقية جيدة من قبل ضحايا الجرائم، وفي كثير من الأحيان تصدر النيابة التقارير التي تدعي عدم تعاون الضحايا معها، لكن قد يكون ذلك لأن الضحايا لا يشعرون أنها تنوي حقّاً القيام بالتحقيق، ويتساءلون مع أنفسهم: إذا كان لا يبدو أن النيابة ستقوم بعملها، فلماذا نلجأ إليها؟ كما أن سجلها لا يشير إلى أنها تقوم بدورها، وفيما إذا كان يجب التحقيق مع «الدجاجة» أو «البيضة»..).

ودعا بسيوني الى المزيد من تدريب أعضاء النيابة العامة، ومنحهم المزيد من الاستقلالية، وتوفير موارد مستقلة؛ لأنها تحتاج إلى محققين مستقلين، وهذا ما تفتقر إليه. ومن وجهة نظر بسيوني: (لا يمكن الاعتماد على الشرطة أثناء القيام بالتحقيق).

وحول تقييمه لسجل البحرين في مجال حقوق الإنسان، ومتابعتها تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، قال بسيوني: (لا يوجد أي شك في ذهني أن العاهل البحريني وولي عهده، وعدد من الشخصيات في الحكومة، مثل وزير الداخلية، قد حققوا تقدماً. لكن هناك معارضة، وهذا التقدم مرتبط بعدد من القضايا السياسية؛ ومن بينها الحاجة إلى إعادة توزيع الدوائر للانتخابات النيابية المرتقبة، والحاجة إلى الاعتراف بالحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمواطنين الشيعة. فالمسألة لا تقتصر فقط على التحقيق في الانتهاكات والأمور المتعلقة بهذا الشأن، وإنما يجب الأخذ في الاعتبار القضايا الاجتماعية والاقتصادية الأساسية جدّاً جدّاً والتي لم تتم معالجتها).

وركّز بسيوني على شريحة الشباب البحريني، ورأى أهمية فائقة في (دمج الأجيال المقبلة من الشيعة والسنة، من أجل التخفيف من الاختلافات، وحتى يصبح الناس مواطنين بحرينيين بدلاً من كونهم سنة أو شيعة)، واضاف: (أنا أؤمن بأن هذه الأمة يمكن أن يتعاون أفرادها مع بعضهم بعضاً). لكن بسيوني عبّر عن خشيته من أن اضمحلال الأمل لدى بعض شرائح المجتمع (في رؤية أنفسهم كمواطنين على قدم المساواة، ويسود بلادهم تكافؤ الفرص، ومعظمهم يعيشون في المناطق المحرومة اقتصاديا وذات الكثافة السكانية العالية، قد يؤدي الى انفجارهم. وهذه ظاهرة اجتماعية طبيعية جدّاً جدّاً. انها ليست فقط في البحرين، وإنما تحدث في كل مكان في العالم. ولأن البحرين بلد صغير، فإن آثارها تكون واضحة بصورة أكبر، ومن المتوقع أن تتزايد في حال لم تتم معالجة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية لها).