آراء حول الموقف من منظمات حقوق الإنسان الدولية

لا زالت التقارير والبيانات الدولية تترى حول الوضع البحريني، وهي تعبر عن القلق بشأن تطور الأوضاع. هناك رؤى مختلفة تتداول بين الناشطين السياسيين والمسؤولين تجاه ما يصدر من هذه المنظمات، انعكست أحياناً في الصحافة المحلية البحرينية:

1/ النقد والتعاون بشروط: هناك رأي يقول بأن المنظمات الدولية منحازة سياسية ولها أجندات خاصة بها، وأنها لا تريد خيراً للبحرين، وإنما تريد أن تشعل الفتيل؛ كما أنها فتحت المجال للمعارضين لتشويه صورة الحكومة، والمغالاة في تجاوزاتها، وغير ذلك. ورأي هؤلاء يفيد بأن يكون التعاون مع المنظمات الدولية مشروطاً بمواقفها تجاه البحرين، فبمقدار تحسّن موقفها يكون الإقتراب منها والتعاون معها.

من نماذج المواقف الرسمية في البحرين، ما ذكرته وزيرة التنمية الاجتماعية الدكتورة فاطمة البلوشي، في رسالة رد (في 26/4/2011) على منظمة العفو الدولية، التي أصدرت تقريراً في 21/4/2011 تحت عنوان: (البحرين.. أزمة حقوق الإنسان). حيث جاء: (أعربت الوزيرة عن أسفها للتقرير وعدم دقته وصحته وخاصة أنه يتبنى وجهة نظر وصورة أحادية للأحداث في المملكة، كما أبدت أسفها العميق لأن المنظمة أصدرت بيانها على رغم تأكيد الوزارة على أهمية الحاجة إلى الموضوعية والحيادية من جانب مبعوث المنظمة في المملكة، وهو ما ظهر في رفضه مقابلة جماعات تم الترتيب لها للرد على ادعاءات المنظمات غير الحكومية... وعبرت الوزيرة عن خيبة أملها الكبيرة وقلقها من أن المنظمة قد اختارت لتقبل وتكرر مثل هذه الادعاءات التي لا سند لها من الصحة. وأن مبعوث المنظمة قد زار البحرين على ما يبدو وفي ذهنيته أحكام مسبقة عن الأوضاع في البلاد، ورفض أن يقبل البراهين أو يقابل المصادر التي تناقض وجهة نظره وأحكامه السابقة هذه). لكن الوزيرة ـ رغم ذلك ـ خلصت الى أن البحرين ستستمر في تعاونها مع العفو الدولية، وأنه (ستبقى مرحبّاً بها في البحرين ما دامت الحاجة ضرورية لمناقشة مثل هذه المسائل).

2/ النقد والإتهام مع رفض التعاون: ومن الآراء المتداولة حتى بين البرلمانيين، أن المنظمات الدولية مجرد أدوات سياسية في لعبة سياسية دولية، وأن متابعتها في مطالبها ودعواتها يستهلك جهد الحكومة والمؤسسات الرسمية، دونما فائدة، وأن التوضيحات مهما كانت لا تفيد في تغيير موقف تلك المنظمات، فهي لا تعتمد التوضيحات الرسمية أو تشير إليها بصورة متوازنة، وعليه يجب عدم الإستماع اليها، ولا الى ما تقول؛ بل يجب التشهير بها، والتنديد بتقاريرها، وعدم التعاون معها، وحتى منع مسؤوليها من زيارة البحرين.

من النماذج، أن النائب عبدالرحمن بومجيد انتقد في 15/6/2011 وبشدة السماح لنائب وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمال مايكل بوسنر بزيارة البحرين، وقال: (‬‬لا نريد مسؤولين أجانب‮ ‬يتدخلون في‮ ‬شؤوننا،‮ ‬فهم بدلاً‮ ‬من المساعدة على نجاح التوافق الوطني‮ ‬يمارسون أعمال التجييش والتصعيد للأوضاع،‮ ‬بوسنر‮ ‬يقابل من‮ ‬يريد ويدخل البيوت ويتدخل في‮ ‬عمل السلطة القضائية‮. ‬على أي‮ ‬أساس‮ ‬يتم ذلك؟‮.‬.. ‬بعض المسؤولين الأمريكان‮ ‬يتصرفون في‮ ‬شؤون البحرين وكأنما هي‮ ‬دولة واقعة تحت الاستعمار وليس لها سيادة،‮ ‬كيف‮ ‬يسمح للمسؤول الأمريكي‮ ‬المكوث في‮ ‬البحرين‮ ‬4‮ ‬أيام وكأنما‮ ‬يحقق في‮ ‬الأوضاع؟ بأي‮ ‬حق‮ ‬يتم ذلك؟ ومن الجهة الحكومية البحرينية المسؤولة عن ذلك،‮ ‬ومن الذي‮ ‬منحه الفرصة للقيام بذلك؟). وقال النائب عادل العسومي: (‬كيف‮ ‬يسمح للمسؤول الأمريكي‮ ‬بدخول البلاد والتحقيق مع الناس ولقائهم،‮ ‬وكلنا‮ ‬يعلم ما هي‮ ‬نواياه ومن هم حلفاؤه).

3/ التصويب مع التعاون والإستفادة: وهناك رأي ثالث يقول بأنه مهما كانت أخطاء المنظمات الدولية، وبغض النظر عن أوجه القصور في تقاريرها، فإنها مؤسسات دولية لها احترامها وتأثيرها في العالم، وانه يجب التعاون معها، والإستفادة منها في مجالات متعددة كالتدريب وغيره، وكذلك الإستفادة من ملاحظاتها وتوصياتها إن كانت دقيقة وصحيحة، بغض النظر عن العبارات والمفردات الكبيرة التي تستخدمها في صياغة تقاريرها وبياناتها في إطار الشرح لأوضاع حقوق الإنسان في البحرين. وفي المحصلة النهائية، فإن هذه التقارير والمواقف الدولية لا يمكن تجاوزها، أو تجاهلها، كما لا يمكن اعتبار تلك المنظمات غير موجودة، أو أن ما تقوم به غير مؤثر. ويعتقد أصحاب هذا الرأي ـ ومرصد البحرين لحقوق الإنسان منهم ـ بأن الصدام مع المنظمات الدولية (قضية خاسرة) وتزيد الضرر للبحرين ولا تفيد تطوير أوضاع حقوق الإنسان. لقد أشرنا في عدد سابق الى ان هذه المنظمات الدولية قوة في الساحة الدولية، كما في الساحة الإعلامية، وبالتالي لا حلول أمام المنتقدين إلا التعاطي مع هذه المنظمات والإستفادة منها وتوضيح الأخطاء إن وقعت فيها.